أنواع الصبر

رابعًا: الصبر على أذى الناس

إن أذى الناس لا يسلم منه أحد من البشر، وما دام هناك اختلاط وتداخل بينهم فلا بد من وجود هذه الصورة من الابتلاء، وهي صورة تتكرر في واقعنا اليومي، في الشارع وفي العمل وفي الأسواق، وفي المتجر وفي المصنع، وفي الحي، وفي سائر الميادين الأخرى.

والصبر على أذى الناس وسوء أخلاقهم، مطلب ديني وضرورة دعوية، بل يجب أن يذهب المؤمن إلى أبعد من ذلك، فيقابل هذا الأذى بالحسنى والخلق الحميد، لما يترتب على ذلك من مكاسب دعوية في الدنيا وأجر وثواب في الآخرة، وقد كان خُلق الصبر على أذى الناس من صفات النبي ﷺ اللازمة له مع المسلم وغير المسلم، ما دام الأمر لا يتجاوز حدود الله تعالى وحرماته، يقول عليه الصلاة والسلام: «المؤمن الذي يخالط الناس ويصبر على أذاهم أعظم أجرًا من المؤمن الذي لا يخالط الناس ولا يصبر على أذاهم«(1).

وإذا كان مطلوبًا من المؤمن الصبر على أذى الناس، فالأولى أن يمتنع عن إيذاء الآخرين، أو الإضرار بهم، وقد وردت أحاديث كثيرة في ذلك، لا سيما إيذاء الجار الذي جعله النبي ﷺ مرتبطًا بمدى الإيمان قوة وضعفًا، في قوله: «من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فلا يؤذ جاره«(2).

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(1) أخرجه الترمذي (ص570، رقم 2507) كتاب صفة القيامة، باب فضل المخالطة مع الصبر على أذى الناس. وابن ماجه (ص582، رقم 4032) كتاب الفتن، باب الصبر على البلاء.

(2) رواه البخاري، برقم 6018، ص1052.



بحث عن بحث