أهمية التوكل على الله:

 

تتجلى أهمية التوكل على الله تعالى في شؤون الإنسان جميعها؛ لأن كل فعل أو حركة لا يخرج عن دائرة الإرادة الربانية وتدبيره الشامل في هذا الكون،

والإنسان ضعيف لا حول له ولا قوة من غير أن يعتمد على الله؛ لأنه هو الذي يعطي القوة والدفع للإنسان ليتحرك في الأرض ويسعى فيها بما أمره الله به،

انطلاقًا من حركة الحواس إلى أصغر عضو في الجسم، كلها تسير وفق إرادة الله وسنته، فالعين لا تنام لولا عناية الله بها، والعقل لا يستطيع أن يفكر ويتأمل

من غير أمر خالقه، والأطراف لا تعمل ولا تسعى في طلب الرزق إذا لم يمنحها الله قوة الحركة والتنقل، والمريض لا يُشفى من دون الله، وهكذا في جميع

الأحوال.

فالتوكل على الله تعالى يمنح الإنسان الاستمرارية في العمل والعبادة بالوجه الذي يريده الله تعالى، أما إذا خالف الإنسان هذه السنة، وأوكل شؤونه إلى

نفسه، أو إلى غيره من البشر، من غير التوكل على الله، فإنه بذلك يجلب على نفسه الضرر والأذى بسخط الله عليه، وقد أشار الله تعالى إلى هذه الصورة

في قصة قارون بقوله: {إِنَّ قَارُونَ كَانَ مِن قَوْمِ مُوسَىٰ فَبَغَىٰ عَلَيْهِمْ ۖ وَآتَيْنَاهُ مِنَ الْكُنُوزِ مَا إِنَّ مَفَاتِحَهُ لَتَنُوءُ بِالْعُصْبَةِ أُولِي الْقُوَّةِ إِذْ قَالَ لَهُ قَوْمُهُ لَا تَفْرَحْ ۖ إِنَّ

اللَّـهَ لَا يُحِبُّ الْفَرِحِينَ. وَابْتَغِ فِيمَا آتَاكَ اللَّـهُ الدَّارَ الْآخِرَةَ ۖ وَلَا تَنسَ نَصِيبَكَ مِنَ الدُّنْيَا ۖ وَأَحْسِن كَمَا أَحْسَنَ اللَّـهُ إِلَيْكَ ۖ وَلَا تَبْغِ الْفَسَادَ فِي الْأَرْضِ ۖ إِنَّ اللَّـهَ

لَا يُحِبُّ الْمُفْسِدِينَ. قَالَ إِنَّمَا أُوتِيتُهُ عَلَىٰ عِلْمٍ عِندِي ۚ أَوَلَمْ يَعْلَمْ أَنَّ اللَّـهَ قَدْ أَهْلَكَ مِن قَبْلِهِ مِنَ الْقُرُونِ مَنْ هُوَ أَشَدُّ مِنْهُ قُوَّةً وَأَكْثَرُ جَمْعًا ۚ وَلَا يُسْأَلُ عَن ذُنُوبِهِمُ

الْمُجْرِمُونَ}(1).

هكذا اغتر قارون بما عنده من الأموال والأملاك، وظن أنه بعلمه وحده استطاع أن يجمع هذه الثروة الهائلة، من غير أن يوكل الأمر إلى الله تعالى، واستند في

هذا الموقف إلى نفسه الضعيفة التي لا تملك من الأمر شيئًا، وجحد فضل الله تعالى وكرمه عليه بهذه الأموال، فوكَّله الله إلى ذلك، فخسف بتلك الثروات

والأموال الأرض حتى لا يبق منها شيء، يقول تبارك وتعالى: {فَخَسَفْنَا بِهِ وَبِدَارِهِ الْأَرْضَ فَمَا كَانَ لَهُ مِن فِئَةٍ يَنصُرُونَهُ مِن دُونِ اللَّـهِ وَمَا كَانَ مِنَ

الْمُنتَصِرِينَ}(2).

فلا غنى عن التوكل على الله تعالى، وليحذر الذين يغفلون عن هذه الحقيقة من غضب الله تعالى وعقابه، كما حدث لقارون ومُلكه وماله.

-------------------------
(1) القصص [76-78].
(2) القصص [81]. 



بحث عن بحث