بشارات الكتب السماوية السابقة به صلى الله عليه وسلم(2)

 


 

تأصيل للاستشهاد بما عند أهل الكتاب :

يجوز للمسلم أن يحتج على أهل الكتاب بما جاءهم من عند الله من كتاب ، أما أهل الكتاب فلا يصح لهم الاحتجاج بما جاء في القرآن كما يفعل كثير منهم ، وذلك لأننا نؤمن بالرسل جميعهم ولا نفرق بين أحد منهم ، قال تعالى : (قُولُواْ آمَنَّا بِاللّهِ وَمَا أُنزِلَ إِلَيْنَا وَمَا أُنزِلَ إِلَى إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ وَالأسْبَاطِ وَمَا أُوتِيَ مُوسَى وَعِيسَى وَمَا أُوتِيَ النَّبِيُّونَ مِن رَّبِّهِمْ لاَ نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِّنْهُمْ وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ* فَإِنْ آمَنُواْ بِمِثْلِ مَا آمَنتُم بِهِ فَقَدِ اهْتَدَواْ وَّإِن تَوَلَّوْاْ فَإِنَّمَا هُمْ فِي شِقَاقٍ فَسَيَكْفِيكَهُمُ اللّهُ وَهُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ) [ سورة البقرة / 136 ، 137 ]

ونؤمن بما جاءهم من عند الله من كتاب ، ولا يجوز لهم أن يحتجوا بالقرآن لأنهم فرقوا ولم يؤمنوا بمحمد رسول الله صلى الله عليه وسلم .

ولكن النقل عن أهل الكتاب والاحتجاج عليهم يحتاج إلى إلى شروط ثلاثة ، أو كما سماها شيخ الإسلام ابن تيمية ثلاثة مقدمات :

أحدها : ثبوت ــ النقل ــ عن الأنبياء عليهم السلام .

الثانية : صحة الترجمة .

الثالثة : تفسير ذلك الكلام تفسيرا صحيحا ومعرفة المراد منه .

فلهذا كان المسلمون لا يردون شيئا من أقوال الرسل ، ولكن قد يكذبون الناقل عنهم ، أو تفسير المفسر عنهم على وجه الغلط ، وهذا بخلاف ما عليه أهل الكتاب فإنهم يكذبون نفس النبي ، وهذا كفر صريح ، فمتى قالوا بكذب كلمة واحدة أخبر بها الرسول بطل احتجاجهم بأي كلمة يحتجون بها يزعمون أنها تدل على مذهبهم في أي مسألة من المسائل(1).

خطورة إنكار البشارات بمحمد صلى الله عليه وسلم النبي الخاتم :

قد لا يعي المكذب بمحمد صلى الله عليه وسلم أن البشارات به من المتواتر في الكتب السابقة ، وخطورة التكذيب بمحمد صلى الله عليه وسلم أنه يؤدي إلى تكذيب تلك الكتب التي اشتملت على تلك البشارات ، فقد مضى وقت طويل جدا لا يعهد مثله في أنبياء بني إسرائيل ولم يظهر من تنطبق عليه تلك الصفات المبشر بها إلا عليه صلى الله عليه وسلم ، ومع ذلك فلا يزال اليهود والنصارى يمنون أنفسهم بظهور من يصدق تلك البشارات ، وهم في الوقت نفسه يصعرون خدودهم ويستغشون ثيابهم ويجعلون أصابعهم في آذانهم ، مما رأوا وسمعوا وعرفوا من الحق .

ولعلنا نستشهد هنا بما جاء في كتبهم الموجودة بين أيدينا ، مما لا يحتمل التأويل ، إذ قد استدل الأولون بلفظ ( الفارقليط ) والتي تعني ( محمد ) وهي لفظة قد حذفت تماما من الطبعات الجديدة من الكتاب المقدس ، ولكن مهما حاولوا أن يحرفوا من الألفاظ ويخفوا من الكتاب يأبي الله إلا أن يبقي من النور الذي جاء به موسى وعيسى بقية تهدي الناس إلى أن محمدا صلى الله عليه وسلم هو الرسول الخاتم


(1) انظر : الجواب الصحيح 1 / 132 ــ 138 .

 

 

 



بحث عن بحث