تفسير كثير من الآيات الكريمة

إن وقائع السيرة وأحداثها كثيرا ما تلقي لنا الضوء على تفسير بعض الآيات الكريمة ، فالسيرة من أول مهماتها تسجيل الوقائع زمن الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم وكثيرا ما كان القرآن ينزل تعقيبا على تلك الوقائع ، ومن هنا كانت الصلة وثيقة بين السيرة والقرآن ... فهو كثيرا ما تنزلت آياته بتسجيل أحداث السيرة ... وهي كثيرا ما بينت لنا سبب النزول ....

وأكتفي بمثالين ... فهذا الجانب واضح والأمثلة كثيرة .

1- قال تعالى : ( يسألونك عن الأنفال ، قل الأنفال لله والرسول ، فاتقوا الله وأصلحوا ذات بينكم وأطيعوا الله ورسوله إن كنتم مؤمنين ) . [ سورة الأنفال /1] .

وهناك في القرآن خمس عشرة آية بدأت بقوله تعالى : ( يسألونك ) لا نجد فيها هذه اللهجة القوية التي تأمر بالتقوى وإصلاح ذات بينهم والطاعة ... ونتساءل عن العلاقة بين ختام الآية وبدئها : الأمر الذي يحتاج إلى بيان، فالسؤال يحتاج إلى جواب، ولكن هنا جواب وأوامر تعقيباً عليه تحتاج إلى تنفيذ ..

وتعطينا السيرة الإيضاح الكافي .

فعن عبادة بن الصامت قال : خرجنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم فشهدت معه بدراً، فالتقى الناس فهزم الله تعالى العدو ، فانطلقت طائفة في آثارهم يهزمون ويقتلون ، وأقبلت طائفة على العسكر يحوزونه ويجمعونه ، وأحدقت طائفة برسول الله صلى الله عليه وسلم لا يصيب العدو منه غرة ، حتى إذا كان الليل وفاء الناس بعضهم إلى بعض ، قال الذين جمعوا الغنائم ، نحن حويناها فليس لأحد نصيب فيها ، وقال الذين خرجوا في طلب العدو : لستم بأحق به منا ، نحن منعنا عنه العدو وهزمناهم ، وقال الذين أحدقوا برسول الله صلى الله عليه وسلم : خفنا أن يصيب العدو منه غرة فاشتغلنا به . فنزلت ( يسألونك ) فقسمها رسول الله بين المسلمين (1).

وهكذا نلاحظ أن تصرف المسلمين إزاء الغنائم احتاج إلى هذا التوجيه والتربية ، فهم ما زالوا في بداية الطريق .

وبهذا كانت السيرة بيانا لهذا الأسلوب في سياق الآية الكريمة . (2)


 

(1) - رواه أحمد ، كما جاء في تفسير ابن كثير .

(2) - انظر : أضواء على دراسة السيرة ص 21-22.



بحث عن بحث