كان لأسماء رضي الله عنها ابنة الصديق مواقف عظيمة في نصرة الدين، ومن ذلك دورها في الهجرة، فعن أسماء رضي الله عنها قالت : صَنعت سفرة النبي صلى الله عليه وسلم في بيت أبي حين أراد أن يهاجر، فلم أجد لسفرته ولا لسقائه ما أربطهما، فقلت لأبي : ما أجد إلا نطاقي، قال : شقيه باثنين، فاربطي بهما ؛ قال فلذلك سميت ذات النطاقين(1).

وقد أخفت رضي الله عنها عن كفار قريش خبر الهجرة، أتى أبو جهل في نفر، فخرجت إليهم، فقالوا : أين أبوكِ؟ قلت : لا أدري –والله- أين هو ؟ فرفع أبو جهل يده، ولَطم خدِّي لَطمة خرَّ منها قُرْطي، ثم انصرفوا، فمضت ثلاث لا ندري أين توجه رسول الله صلى الله عليه وسلم ؛ إذ أقبل رجل من الجن يسمعون صوته بأعلى مكة، يقول :

        جزى الله ربُّ الناس خير جزائه       رفيقين قالا خيمتي أم معبد(2)

وقد بلغ من برها بأبيها، حرصها على بر جدها بتطمينه وتهدئة غضبه على  أبيها، واحتمال ما يقصر عليها وعلى إخوتها بسبب غياب أبيهم الصديق، فعنها رضي الله عنها أنها قالت : لما توجه النبي صلى الله عليه وسلم من مكة حمل أبو بكر معه جميع ماله – خمسة آلاف أو ستة آلاف – فأتاني جدي أبو قحافة وقد عمي، فقال : إن هذا قد فجعكم بماله ونفسه، فقلت : كلا، قد ترك لنا خيراً كثيراً.

قالت : فعمدت إلى أحجار، فجعلتهن في كوة البيت، وغطيت عليها بثوب، ثم أخذت بيده، ووضعتها على الثوب، فقلت : هذا تركه لنا، فقال : ما إذ ترك لكم هذا، فنعم.(3)

 

فهلا.. ائتسينا بابنة الصديق فكنا عوناً لوالدينا على الدعوة الإسلامية.


 

 


 

(1)    سير أعلام النبلاء 2/289، قال المحقق شعيب الأرناؤوط : إسناده صحيح، وهو في الطبقات 8/250، والبخاري 7/193،194 في المناقب باب الهجرة، وأحمد 6/346.
(2)    سير أعلام النبلاء 2/290.
(3)    سير أعلام النبلاء 2/290 قال المحقق شعيب الأرناؤوط : إسناده صحيح، وأخرجه ابن هشام في السيرة 1/488 عن ابن  إسحاق.

 



بحث عن بحث