البر أفضل العمل

 

عن عبد الله بن مسعود t  قال: سألت النبي r: أي العمل أحب إلى الله عز وجل؟ قال: (الصلاة على وقتها) قال: ثم أي؟ قال: (ثم بر الوالدين) قال: ثم أي؟ قال: (الجهاد في سبيل الله)(1).

إن أعظم أركان الإسلام بعد الشهادتين الصلاة، ولم يجعل الرسول r من أعمال العباد عملاً أحب إلى الله تعالى بعدها كبر الوالدين؛ فلم يجعل الصيام مع أنه جاء في الحديث القدسي (الصوم لي وأنا أجزي به)، ولم يجعله الحج مع أن العبد يخرج من ذنوبه كيوم ولدته أمه، ولم يجعله الصبر مع أن الصابرين يوفون أجورهم بغير حساب، ولم يجعله الجهاد مع أن المرء يفقد في الجهاد نفسه وماله، ومع ذلك قدّم عليه بر الوالدين.

 بل إن الله تعالى جعل حق الوالدين أول الحقوق بعد حقه تعالى، قال سبحانه: (وَقَضَى رَبُّكَ أَلاَّ تَعْبُدُوا إِلاَّ إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَاناًً)(2). ووصى الله تعالى بهما وأخذ العهود والمواثيق على برهما، قال سبحانه: (وَوَصَّيْنَا الأِنْسَانَ بِوَالِدَيْهِ حُسْناًً)(3)، وقال سبحانه: (وَإِذْ أَخَذْنَا مِيثَاقَ بَنِي إِسْرائيلَ لا تَعْبُدُونَ إِلَّا اللَّهَ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَاناً)(4). وبعد هذا ما هو البر الذي له هذه المنزلة العالية؟

إنه الإحسان إليهما بالقول والفعل والمال بقدر المُستطاع(5). وسئل الحسن رحمه الله ما بر الوالدين؟ فقال: أن تبذل لهما ما ملكت، وأن تطيعهما فيما أمراك إلا أن تكون معصية(6).

فبادر أخي القارئ إلى ما هو من أفضل العمل وأحبه إلى الله تعالى، بادر إلى بر والديك بقدر المستطاع، وساءل نفسك ماذا تتمنى أن يفعله لك أولادك فابذله لوالديك فإنهما يحبان ما تحب، والله لا يضيع أجر مَن أحسن عملاً.


 

(1)     أخرجه البخاري باب فضل الصلاة لوقتها ح 504-1/197،  ومسلم باب بيان كون الإيمان بالله تعالى أفضل الأعمال  85 -1/90.

(2)     الإسراء آية 23.

(3)      سورة العنكبوت آية 8.

(4)      سورة البقرة آية 83.

(5)      شرح الشيخ ابن عثيمين رحمه الله لرياض الصالحين.

(6)      الاستذكار 5/40.



بحث عن بحث