بسم الله الرحمن الرحيم

هلم إلى الجنة (5-5)

 

5-    عن أبي هريرة رضي الله عنهما قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - (رغم أنفه ثم رغم أنفه ثم رغم أنفه) قيل : مَن يا رسول الله ؟ قال (مَن أدرك والديه عند الكبر أحدهما أو كليهما ثم لم يدخل الجنة)(1) .

معنى (رغم أنفه) هو الذل وقيل كره وخزي ، من أرغم أنفه أي ألصقه بالرغام وهو التراب ، هذا هو الأصل ثم استُعمل في الذل والعجز عن الانتصاف(2) .

وفي الحديث تأكيد لفضل بر الوالدين خاصة عند الكبر وأنه سبب لدخول الجنة ، وفيه بيان خسارة الإنسان المُفرط في حق والديه عند الكبر ، العاق لهما ، وفيه دلالة على أن البر يعظم بعظم حاجة الوالدين للولد من نحو كبر ومرض وعجز ونحو ذلك .

وقد جاء الأمر ببر الوالدين في كثير من آي القرآن الكريم ، وجاء في بعضها إيضاح ما يكون من البر ، وما يكون من العقوق ، كما ورد التأكيد على برهما حال الكبر كما في قول الله تعالى (وقضى ربك ألا تعبدوا إلا إياه وبالوالدين إحساناً إما يبلغن عندك الكبر أحدهما أو كلاهما فلا تقل لهما أف ولا تنهرهما وقل لهما قولاً كريماً ، واخفض لهما جناح الذل من الرحمة وقل رب ارحمهما كما ربياني صغيراً ، ربكم أعلم بما في نفوسكم إن تكونوا صالحين فإنه كان للأوابين غفوراً )(3) فأمر سبحانه بعبادته وحده وبالإحسان إلى الوالدين خاصة في حالة الكبر ؛ لأنها الحالة التي يحتاجان فيها إلى بره لضعفهما ، فألزم في هذه الحالة من مراعاة أحوالهما أكثر مما ألزمه من قبل ، لأنهما في هذه الحالة قد صارا كلاًّ عليه ، فيحتاجان أن يلي منهما في الكبر ما كان يحتاج في صغره أن يليا منه ؛ فربما يستثقل الولد ذلك ، وربما يظهر ضجره ويتأفف ، فأمره سبحانه أن يقابلهما بالقول الموصوف بالكرامة ، وهو السالم عن كل عيب فقال: (فلا تقل لهما أف ولا تنهرهما وقل  لهما قولاً كريماً) ، وليس هذا فقط ؛ بل (واخفض لهما جناح الذل من الرحمة) أي تواضع لهما ذلاً لهما ورحمة ، واحتساباً للأجر ، لا لأجل الخوف منهما ، أو الرجاء لما لهما ، وبالغ في اللين لهما والرفق بهما كالطائر إذا أراد أن ينحط خفض جناحه بالكلية . (وقل رب ارحمهما كما ربياني صغيراً) أي ادع لهما بالرحمة أحياءً وأمواتاً ، جزاءً على تربيتهما إياك صغيراً ، وفي هذا الدعاء تذكير له بسابق إحسانهما له حتى يرق قلبه لهما ويعلم أنه مكافئ لهما على إحسانهما عليه لا مبتدئاً لهذا الإحسان(4).

فاغتنم أخي / أختي القارئة حياة والديك في برهما والحنو عليهما ، وإلا فاستدرك ما فاتك بالدعاء لهما والصدقة عنهما و .... .

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 


 

(1) أخرجه مسلم باب رغم أنف من أدرك أبويه أو أحدهما عند الكبر فلم يدخل الجنة ح 2551-4/1978 .

(2) انظر شرح النووي لصحيح مسلم 16/ 108 ، ومختار الصحاح 1/105 ، والنهاية في غريب الحديث والأثر 2/238 .

(3) سورة الإسراء من آية 23-25 .

(4) انظر تفسير القرآن العظيم ، والجامع لأحكام القرآن ، وجامع البيان في تفسير آي القرآن ، وتيسير الكريم الرحمن في تفسير كلام المنان .



بحث عن بحث