بسم الله الرحمن الرحيم

هلم إلى الجنة (2-5)

1-   عن معاوية بن جاهمة قال: أتيت النبي صلى الله عليه وسلم فقلت: يا رسول الله إني كنت أردت الجهاد معك أبتغي بذلك وجه الله والدار الآخرة، قال (ويحك أ حية أمك؟) قلت: نعم يا رسول الله، قال (فارجع فبرها) ثم أتيته من الجانب الآخر، فقلت: يا رسول الله إني كنت أردت الجهاد معك أبتغي بذلك وجه الله والدار الآخرة، قال (ويحك أ حية أمك؟) قلت: نعم، قال (فارجع فبرها) ثم أتيته من أمامه فقلت: يا رسول الله إني كنت أردت الجهاد معك أبتغي بذلك وجه الله والدار الآخرة، قال (ويحك أحية أمك؟) قلت: نعم يا رسول الله، قال (ويحك الزم رجلها فثم الجنة) (1).

قال العلجوني رحمه الله: [المعنى أن التواضع للأمهات واطاعتهن في خدمتهن، وعدم مخالفتهن إلا فيما حظره الشرع سبب لدخول الجنة] (2).

فتأمل أخي/ أختي القارئة تردد هذا الصحابي على رسول الله صلى الله عليه وسلم طالباً الجهاد ابتغاء وجه الله تعالى والدار الآخرة، وكأنه لم يعي أن بر الوالدين يغلب الجهاد في الأجر، وتأمل تكرير النبي صلى الله عليه وسلم له الأمر بالرجوع إلى أمه وبرها، وكأنه عليه الصلاة والسلام شعر بذلك فقال له معظماً لأجر البر الذي لا ينبغي للمرء معه الإعراض إلى غيره (ويحك الزم رجلها فثم الجنة).

ولك أخي / أختي أن تتخيل ما تحمله هذه العبارة من أوجه البر وأشكاله، فلزوم الرجل يعني المزيد من التواضع للأم، والحرص على خدمتها وإرضائها، مما يقتضي تحري برها لا أن يقع ذلك حسب ما تقتضيه الأحوال والأوقات. فيا من يبحث عن طريق الجنة لا تبعد كثيراً فطريقها يبدأ من بيتك، من عند قدم أمك، وإذا كان الجهاد لا يعدل البر، فما بالك بغيره من الأعمال!

 

الهوامش:

 (1) أخرجه ابن ماجه باب الرجل يغزو وله أبوان ح 2781-2/929، والطبراني في المعجم الكبير وابن أبي شيبة

 (2) كتاب كشف الخفاء ومزيل الإلباس عما اشتهر من الأحاديث على ألسنة الناس 1078-1/335.



بحث عن بحث