لنبادلهم الحب

 

إن الحاجة النفسية الملحة التي يظل الإنسان يبحث عنها، ولا يجد راحة وسعادة بدونها، هي الحاجة إلى الحب والحنان والعطف؛ وتزداد هذه الحاجة مع ضعف الإنسان وغربته، وقلة حيلته، وهذه تتمثل في سني الطفولة، وسني الكبر، ولهذا حرص الإسلام كثيراً على كلا الفترتين من عمر الإنسان، فقال عليه الصلاة والسلام (ليس منا من لم يرحم صغيرنا، ويعرف حق كبيرنا)(1).

والذي يعنينا هنا الحديث عن إظهار الحب للأولاد، الذي يتمثل في الحنو على الولد، وتقبيله، واحتضانه، والجهر بحبه.

فمن الحنو على الولد ورحمته قول أنس - رضي الله عنه - قال: (ما رأيت أحداً أرحم بالعيال من رسول الله - صلى الله عليه وسلم -)(2).

ومن الضم إلى الصدر والتقبيل ما رواه أبو هريرة - رضي الله عنه - قال : قبّل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - الحسن بن علي وعنده الأقرع بن حابس التميمي جالساً، فقال الأقرع : إن لي عشرة من الولد ما قبّلت منهم أحداً. فنظر إليه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ثم قال: (مَن لا يرحم لا يُرحم)(3)، وعن أسامة بن زيد - رضي الله عنه -  قال : كان رسول الله عليه وسلم يأخذني فيقعدني على فخذه، ويقعد الحسن بن علي على فخذه الآخر، ثم يضمهما، ثم يقول: (اللهم ارحمهما فإني أرحمهما)(4).

وعن أبي هريرة - رضي الله عنه - قال : خرجت مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في طائفة من النهار لا يكلمني ولا أكلمه، حتى جاء سوق بني قينقاع، ثم انصرف حتى أتى خباء فاطمة، فقال: (أَثمّ لُكَع.. أَثمّ لُكَع(5)) – يعني حسناً – فظننا أنه إنما تحبسه أمه لأن تغسله وتلبسه سخاباً، فلم يلبث أن جاء يسعى حتى اعتنق كل واحد منهما صاحبه، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: (اللهم إني أحبه فأحبه وأحبب مَن يحبه)(6).

وعنه أيضاً قال : خرج علينا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ومعه الحسن والحسين هذا على عاتقه، وهذا على عاتقه، وهو يَلثُم(7) هذا مرة، وهذا مرة حتى انتهى إلينا، فقال له رجل : يا رسول الله إنك تحبهما! فقال: (نعم، مَن أحبهما فقد أحبني، ومن أبغضهما فقد أبغضني)(8).

ومن الجهر بالحب غير ما سبق ما رواه البراء - رضي الله عنه - قال: رأيت النبي - صلى الله عليه وسلم - والحسن بن علي على عاتقه، يقول: (اللهم إني أحبه فأحبه)(9).

 

أخي القارئ – أختي – كلما شعرت بالحاجة إلى الحب وتعبيراته تذكر أولادك فهم أحوج منك إلى الحب فابذله لهم وأشعرهم به، علّمهم إياه، تجده منهم غداً؛ ففاقد الشيء لا يعطيه.


 

(1)        أخرجه الحاكم ك الإيمان 1/62.

(2)        أخرجه مسلم ك الفضائل باب رحمته - صلى الله عليه وسلم - الصبيان والعيال ح64-4/1808.

(3)        أخرجه البخاري ك الأدب باب رحمة رحمة الولد وتقبيله ومعانقته ح 5997-10/426.

(4)        أخرجه البخاري باب وضع الصبي على الفخذ ح6003 – 10/ 434.

(5)        لكع هو العيي الذي لا يتجه لمنطق ولا غيره، أراد أنه لصغره لا يتجه لمنطق وما يصلحه. انظر : لسان العرب 8/323، مختار الصحاح 1/251.

(6)        أخرجه مسلم باب فضائل الحسن والحسين ح 2421-4/1882.

(7)        اللثم هو التقبيل. انظر مختار الصحاح 1/247.

(8)        أخرجه الحاكم باب مناقب الحسن والحسين ح 4777-3/182 وقال حديث صحيح الإسناد ولم يخرجاه.

(9)        أخرجه البخاري باب مناقب الحسن والحسين ح3539-3/1370، ومسلم باب فضائل الحسن والحسين ح 3546-3/1371.



بحث عن بحث