توقيت الظهار وتعليقه (3-4)

 

مسألة توقيت الظهار :

القول الأول : يصح الظهار مؤقتاً ، وهو أن يقول أنت علي كظهر أمي يوماً أو شهراً لحديث سَلَمَةَ بْنِ صَخْرٍ قَالَ : كُنْتُ امْرَأً أُصِيبُ مِنَ النِّسَاءِ مَا لاَ يُصِيبُ غَيْرِي ، فَلَمَّا دَخَلَ شَهْرُ رَمَضَانَ خِفْتُ أَنْ أُصِيبَ مِنَ امْرَأَتِي شَيْئًا يُتَابَعُ بِي حَتَّى أُصْبِحَ فَظَاهَرْتُ مِنْهَا حَتَّى يَنْسَلِخَ شَهْرُ رَمَضَانَ ، فَبَيْنَمَا هِيَ تَخْدُمُنِي ذَاتَ لَيْلَةٍ إِذْ تَكَشَّفَ لِي مِنْهَا شَيءٌ فَلَمْ أَلْبَثْ أَنْ نَزَوْتُ عَلَيْهَا فَلَمَّا أَصْبَحْتُ خَرَجْتُ إِلَى قَوْمِي فَأَخْبَرْتُهُمُ الْخَبَرَ وَقُلْتُ امْشُوا مَعِي إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم  . قَالُوا : لاَ وَاللَّهِ. فَانْطَلَقْتُ إِلَى النَّبِىِّ صلى الله عليه وسلم  فَأَخْبَرْتُهُ ، فَقَالَ « أَنْتَ بِذَاكَ يَا سَلَمَةُ ». قُلْتُ أَنَا بِذَاكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ مَرَّتَيْنِ وَأَنَا صَابِرٌ لأَمْرِ اللَّهِ فَاحْكُمْ فيَّ مَا أَرَاكَ اللَّهُ قَالَ « حَرِّرْ رَقَبَةً ». قُلْتُ وَالَّذِي بَعَثَكَ بِالْحَقِّ مَا أَمْلِكُ رَقَبَةً غَيْرَهَا وَضَرَبْتُ صَفْحَةَ رَقَبَتِي قَالَ « فَصُمْ شَهْرَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ ». قَالَ وَهَلْ أُصِبْتُ الَّذِي أُصِبْتُ إِلاَّ مِنَ الصِّيَامِ قَالَ « فَأَطْعِمْ وَسْقًا مِنْ تَمْرٍ بَيْنَ سِتِّينَ مِسْكِينًا ». قُلْتُ : وَالَّذِي  بَعَثَكَ بِالْحَقِّ لَقَدْ بِتْنَا وَحْشَيْنِ مَا لَنَا طَعَامٌ قَالَ « فَانْطَلِقْ إِلَى صَاحِبِ صَدَقَةِ بَنِي زُرَيْقٍ فَلْيَدْفَعْهَا إِلَيْكَ فَأَطْعِمْ سِتِّينَ مِسْكِينًا وَسْقًا مِنْ تَمْرٍ وَكُلْ أَنْتَ وَعِيَالُكَ بَقِيَّتَهَا ». فَرَجَعْتُ إِلَى قَوْمِي فَقُلْتُ وَجَدْتُ عِنْدَكُمُ الضِّيقَ وَسُوءَ الرَّأْي وَوَجَدْتُ عِنْدَ النبي -صلى الله عليه وسلم- السَّعَةَ وَحُسْنَ الرأي وَقَدْ أَمَرَنِي- أَوْ أَمَرَ لِي - بِصَدَقَتِكُم )(1)

فإذا مضى الوقت زال الظهار وحلّت المرأة بلا كفارة. ولا يكون عائداً بالوطء في المدة . وهو قول ابن عباس وعطاء وقتادة والثوري وإسحاق وأبى ثور والشافعي وأحمد بن حنبل.

وحديث سلمة بن صخر صريح في ذلك ففيه " تظاهرت من امرأتي حتى ينسلخ شهر رمضان. وأخبر النبي صلى الله عليه وسلم   أنه أصابها في الشهر فأمره بالكفارة ولم يعتبر عليه تقييده .

ولأنه منع نفسه بيمين لها كفارة فصح مؤقتاً كالإيلاء ، ولأنها يمين لم يحنث فيها فلا يلزمه كفارتها كاليمين بالله تعالى .

القول الثاني : وقال أبو حنيفة وابن أبى ليلى والليث لا يكون ظهاراً ؛ لأن الشرع ورد بلفظ الظهار مطلقاً . وهذا لم يطلق فأشبه ما لو شبهها بمن تحرم عليه في وقت دون آخر .

القول الثالث : وقال مالك: يسقط التأقيت ويكون ظهاراً مطلقاً . لأن هذا لفظ يوجب تحريم الزوجة فإذا وقّته لم يتوقف كالطلاق .

الراجح :

القول الأول لما سبق من أدلتهم ، ويُجاب عن أدلة القولين الآخرين بما يلي :

-  تشبيه الظهار المؤقت بما لو شبه زوجته بمن تحرم عليه في وقت دون وقت ؛ أنه تشبيه مع الفارق لأن تحريمها غير كامل. وهذه حرمها في هذه المدة تحريماً كاملاً .

- وأما تشبيه الظهار الموقت بالطلاق الموقت فهو تشبيه مع الفارق ؛ فالطلاق يزيل الملك فلا يمكن توقيته ، وأما الظهار فهو يوقع تحريماً يرفعه التكفير فجاز توقيته .

مسألة تعليق الظهار بشرط :

فإذا قال لامرأته: إن دخلت الدار فأنت علي كظهر أمي ، أو قال إن قدّم فلان ، أو قال شاء زيد ، فمتى شاء زيد أو دخلت الدار أو قدم فلان صار مظاهراً وإلا فلا.

وبهذا قال جمهور العلماء لأنه يمين فجاز تعليقه على شرط كالإيلاء.

ولأن الظهار أصله كان طلاقاً والطلاق يصح تعليقه بالشرط فكذلك الظهار .

 


(1)  أخرجه ابو داود باب في الظهار ح2215 – 2/233، والترمذي في سورة المجادلة ح3299-5/405 وقال: هذا حديث حسن ، وابن ماجة في الظهار ح2062-1/665 ، والدارمي في الظهار ح2273-1/217 ، وصححه الألباني في تحقيقه لسنن ابن ماجه .

 

 



بحث عن بحث