الحيـــــــاء

اسم الله الحيي الستير سبحانه جل جلاله (8- 32)

 

 

تابع الآثار الإيمانية لهذين الاسمين:

الأثر الرابع : إن أعظم الحياء ينبغي أن يكون من الله تعالى: الذي نتقلب في نعمه وإحسانه بالليل والنهار، ولا نستغنى عنه طرفة عين، ونحن تحت سمعه وبصره، لا يغيب عنه من حالنا وقولنا شيء، كما قال سبحانه "(وَمَا تَكُونُ فِي شَأْنٍ وَمَا تَتْلُو مِنْهُ مِنْ قُرْآنٍ وَلَا تَعْمَلُونَ مِنْ عَمَلٍ إِلَّا كُنَّا عَلَيْكُمْ شُهُودًا إِذْ تُفِيضُونَ فِيهِ وَمَا يَعْزُبُ عَنْ رَبِّكَ مِنْ مِثْقَالِ ذَرَّةٍ فِي الْأَرْضِ وَلَا فِي السَّمَاءِ وَلَا أَصْغَرَ مِنْ ذَلِكَ وَلَا أَكْبَرَ إِلَّا فِي كِتَابٍ مُبِينٍ ) (يونس:61).

وأتم الحياء وأحسنه وأكمله هذا الحياء الذي هو حياء العبد من الله فلا يفعل القبيح حياءً من الله أولاً فهذا استكمل الحياء من جميع جهاته إذ ترتب عليه الكفّ عن القبائح التي لا يرضاها الدين والشرع ويذمه عليها الخلق.

ومن الناس من يترك القبائح والرذائل حياء من الناس, وإذا خلا من الناس لا يتحرج من فعلها, وهذا النوع من الناس عنده حياء, ولكنه حياء ناقص وضعيف يحتاج إلى علاج وتذكير بعظمة الله وجلاله, وأنه أحق أن يستحيا منه؛ لأنه القادر المطلع الذي بيده ملكوت كل شيء، الذي أسبغ عليه نعمه ظاهرة وباطنة فكيف يليق به أن يأكل من رزقه ويعصيه ويعيش في أرضه وملكوته ولا يطيعه ويستعمل عطاياه فيما لا يرضيه؟

كيف لعبد أعطاه الله ما لم يعط غيره أن يعصيه بهذه العطية بلا حياء منه سبحانه؟

 يقول الداعية عبدالله بانعمة: كنتُ أظن أنه لا يوجد أحد أسوأ مني حالاً (كونه مشلولاً لا يتحرك منه إلا رأسه) فإذا بأحد المشايخ يقول له: تعال معي أريك من هو أسوأ من حالتك. فما كان منه إلا أن ذهب معه فلقي رجلاً مثله مشلولاً لكنه أيضاً لا يسمع ولا يتكلم! هذا الرجل حصلت له قصة حزينة فقد دخل عليه أهله ذات مرة فوجدوا بقعة دم على ثوبه وهو يبكي فلما تبعوا أثر الدم اكتشفوا أن اثنين من أصابعه مقطوعان! وهنا سأسأل القارئ الكريم ما تظن سبب قطعها ؟ لقد دخل عليه فأر وأخذ يأكل من أصابعه وهو غير قادر على إبعاده لشلله ولا حتى يصرخ بصوته؛ لأنه لا يتكلم. تأمل بالله كيف حالنا إذا رأينا حشرة فخفنا منها! فما بالك بفأر يأكل من جسمك وأنت تنظر إليه ولا تستطيع حراكاً؟ بالله تأمل يدك وأصابعك التي تقلب بها الصفحات الآن ما الذي اقترفته؟ وما الذي عملته من الأعمال؟ يا ترى هل أرضينا الله في استعمالها أم استعملت في غير مرضاته من العبث بأزرة الجوال, وكتابة ما لا يليق, أو الانشغال بالألعاب بالساعات وضياع العمر فيما لا يفيد؟ أم في تقليب القنوات أم وأم.

وفي الحديث (إنهن شواهد مستنطقات يوم القيامة). فهذه الأصابع ستأتي بها إما شاهدة لك وإما شاهدة عليك يوم القيامة.

إذن على العبد أن يستحي من الله الرقيب المتفضل عليه الذي ليس له غناء عنه. ومع الأسف من الناس من يجاهر بالمعاصي ولا يستحي من الله ولا من الناس فهذا من شر ما منيت به الفضيلة وانتهكت به العفة؛ لأن المعاصي داء سريع الانتقال .. فلا يلبث أن يسري في النفوس الضعيفة فيعم شر معصية المجاهر ويتفاقم خطبها.

 

 

                                                       يتبــــع بعض مظاهر عدم الحياء

 

 

 



بحث عن بحث