الخلــق مع البيئة (4-7)

 

ثانياً/ الاستفادة منها بقدر الحاجة وعدم الإسراف:

 

الإسراف مذموم في كل شيء ، لا سيما في الماء الذي جعل الله منه كل شيء حي فلا حياة بدونه ، وقد نهى النبي عليه الصلاة والسلام عن الإسراف في الماء وإن كان في الوضوء ، عن عبد الله بن مغفل رضي الله عنه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال ( إِنَّهُ سَيَكُونُ فِى هَذِهِ الأُمَّةِ قَوْمٌ يَعْتَدُونَ فِى الطُّهُورِ وَالدُّعَاءِ )(1).

وعن عبد الله بن عمرو رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم مرّ بسعد وهو يتوضأ . فقال ( ما هذا الإسراف ؟ ) فقال أفي الوضوء إسراف ؟ قال ( نعم . وإن كنت على نهر جار )(2).

وكذا الإسراف مذموم في سائر النعم من زروع وثمار وأنعام ، قال الله تعالى (وَهُوَ الَّذِي أَنْشَأَ جَنَّاتٍ مَعْرُوشَاتٍ وَغَيْرَ مَعْرُوشَاتٍ وَالنَّخْلَ وَالزَّرْعَ مُخْتَلِفًا أُكُلُهُ وَالزَّيْتُونَ وَالرُّمَّانَ مُتَشَابِهًا وَغَيْرَ مُتَشَابِهٍ كُلُوا مِنْ ثَمَرِهِ إِذَا أَثْمَرَ وَآَتُوا حَقَّهُ يَوْمَ حَصَادِهِ وَلَا تُسْرِفُوا إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الْمُسْرِفِينَ ، وَمِنَ الْأَنْعَامِ حَمُولَةً وَفَرْشًا كُلُوا مِمَّا رَزَقَكُمُ اللَّهُ وَلَا تَتَّبِعُوا خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُبِينٌ )(3)

وهذا إعلام من الله تعالى للناس بما أنعم به عليهم من فضله ، بذكر أنواع من الزروع والثمار والأنعام ، وتعريفٌ منه سبحانه لهم ما أحلَّ وحرَّم ؛ فنهاهم عن الإسراف في الأكل، بمجاوزة الحد والعادة، والإسراف في إخراج حق الزرع بحيث يخرج فوق الواجب عليه، ويضر نفسه أو عائلته أو غرماءه، ونهاهم عن إتباع الشيطان بتحريم ما أحلّ الله أو تحليل ما حرّم الله ، أو الإسراف والتبذير ...(4)

 

                                          يتبع في الحلقة القادمة

  


(1) أخرجه أبو داود باب الإسراف في الوضوء ح96-1/36 وقال محققه الألباني : صحيح ، والبيهقي في السنن الكبرى باب النهي عن الإسراف في الوضوء ح983-1/196 . ومعنى يعتدون : يخرجون فيه عن الوضع الشرعى والسنة المأثورة .

(2) أخرجه ابن ماجه باب كراهية الإسراف ح425-1/147 ، قال البوصيري في الزوائد : إسناده ضعيف . لضعف حيي بن الله وابن لهيعة  ، وقال محقق سنن ابن ماجه الألباني : ضعيف .

(3) سورة الأنعام آية 141 و142 .

(4) انظر تفسير الطبري 12/154-176 ، وتفسير السعدي 1/276 .



بحث عن بحث