حديث (أَمَا إِنَّكِ لَوْ لَمْ تُعْطِهِ شَيْئًا كُتِبَتْ عَلَيْكِ كِذْبَةٌ )

 

عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَامِـــرٍ أَنَّهُ قَالَ: دَعَتْنِي أُمِّي يَوْمًا وَرَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم  قَاعِدٌ فِي بَيْتِنَا، فَقَالَتْ: هَا تَعَالَ أُعْطِيكَ، فَقَالَ لَهَا رَسُــــولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم : « وَمَا أَرَدْتِ أَنْ تُعْطِيهِ ؟».

قَالَتْ: أُعْطِيهِ تَمْرًا، فَقَالَ لَهَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم  : « أَمَا إِنَّكِ لَوْ لَمْ تُعْطِهِ شَيْئًا كُتِبَتْ عَلَيْكِ كِذْبَةٌ ». (1)  

الصَّحابيَّة :

 هي ليْلَى بنت أَبي حَثْمة من بني كعب بن لؤي، القرشية، العَدَويَّة، امرأة عامر بن ربيعة، وهي أم ابنه عبدالله ، وبه كانت تكنى، أسلمت قديمًا وبايعت، وكانت من المهاجرات الأول، هاجرت الهجرتين إلى الحبشة وإلى المدينة، وصلَّت القبلتين، يُقال إنها أول ظعينة دخلت المدينة مهاجرة ويقال أم سلمة. (2)

من فوائد الحديث :

1/ حرصُ النبي صلى الله عليه وسلم  على زيارة أصحابه – رضي الله عنهم - في بيوتهم وتعليمهم آداب الإسلام بلطف وتواضع .

2/ تقدير النبي صلى الله عليه وسلم   لشخصية الطفل الصغير وإبراز قيمته، واحترام كيانه، بالصدق في خطابه، والوفاء بوعده، وحسن تربيته .

3/ فيه استحباب إشباع حاجات الطفل المادية والمعنوية (النفسية) كالحاجة إلى اللعب والطعام والحنان، والتقدير بمناداته باسمه وتحاشي تعييره أو تحقيره .

4/ فيه مقومات التربية الناجحة، وهي: منهج شرعي تستقى منه الأحكام والآداب، وقدوة صالحة تهدي وتربي ، وأمر بالمعروف وتواصٍ به .

5/ الأم نبع الوداد، وسكن الفؤاد، ومدرسة الأخلاق، ومربية الأجيال، فعليها أن تتعاهد نفسها بالصدق، وقول الحق، لتطمئن إليها القلوب، وتسكن إليها النفوس، ويثق بها النشيء ويقتدوا بها ويتربوا على الصدق في القول والعمل .

6/ السيرة الخالدة لتلك الأم المهاجرة والسابقة إلى الإسلام، ومنجبة الكرام، الصادقة في الكلام وموقفها النبيل في تحقيق وصية النبي صلى الله عليه وسلم المحذَّرة من الوقوع في صغار الكذب مع صغارها، فإنه مفتاح النفاق، وسوء الأخلاق .

7/ الكذب من قبائح الذنوب، يضرب عليه الصّبي ليكفّ عنه ويعتاد تعظيم المحرمات وإن كان قلمه مرفوعًا إجماعًا (3) .

لأن الإيمان أساسه الصدق، والنفاق أساسه الكذب، ولا يجتمع إيمان ونفاق إلا أحدهما محارب للآخر .

قال الماوردي: « ومن اتّسم بالكذب نسبت إليه شوارد الكذب المجهولة فيجمع بين معرَّة الكذب منه ومضرَّة الكذب عليه » (4) .


(1)  رواه أبو داود (1588 ح4991) و ابن أبي شيبة (5/236) ، وأحمد (3/447)، والبخاري في التاريخ الكبير (5/11) والبيهقي في السنن (10/198) وسَمّى مولى عبدالله بن عامر زيادًا، وله شاهدان :حديث أبي هريرة – رضي الله عنه - :

رواه أحمد (2/452) بسنده عنه، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم  أنه قال: « مَنْ قال لِصَبيٍّ: تعال هاك، ثَمّ لم يُعْطِهِ فهي كِذْبَة» و حديث ابن مسعود –رضي الله عنه- رواه الحاكم مرفوعًا إلى النبي صلى الله عليه وسلم  :« إِنَّ الكَذبَ لاَ يَصْلُح مِنْهُ جدّ ولاَ هَزْلٌ ولا أَنْ يَعدَ الرجُلُ ابنهُ ثُمّ لاَ يُنْجز له إنّ الصِّدْقَ يَهديْ إلى البرِّ وَإِنَّ البرَّ يَهديْ إلى الجنَّةِ .. » الحديث .

و إسناد الحديث ضعيف لجهالة زياد مولى عبدالله بن عامر، وبقية رجاله ثقات غير محمد بن عجلان فهو صدوق وأما الشواهد : فما رواه أبو هريرة فَعِلَّتُه عدمُ سماعِ الزهريّ منه ، وما رواه ابن مسعود فقال الحاكم : هذا حديث صحيح الإسناد على شرط الشيخين ووافقه الذهبي في التلخيص .وإنما تواترت هذه الروايات بتوقيف أكثر هذه الكلمات.

(2)الاستيعاب (4/1909)، أسد الغابة (6/256)، تهذيب الكمال (22/446)، الإصابة (8/102) .

(3) شرح العمدة (4/48) .

(4)   أدب الدنيا والدين (ص227- 228) وذكر قول الشاعر :

إذا عرف الكذاب بالكذب لم يكد              يصدّق في شيء وإن كان صادقًا

 



بحث عن بحث