شبه المنكرين لحجية السنة، والرد عليهم (12)

 

الشبهة الرابعة : ذهب البعض إلى عدم الاحتجاج بالسنة بحجة أن السنة لم تكتب إلا في القرن الثاني الهجري،وأنها ظلت محفوظة في الصدور،والحفظ وحده مهما كانت درجته لا يكفي لأن الذاكرة لا شك تخون،وإذا كان الأمر كذلك فإنه لا يوثق بها ، والأولى تركها وعدم الاحتجاج بها ويستدلون على هذه الشبهة بالآتي :

 

أولا/ مجموعة من الروايات ، منها:

1 ــ عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( لا تكتبوا عني شيئا غير القرآن ، ومن كتب عني شيئا غير القرآن فليمحه ، وحدثوا عني ولا حرج، ومن كذب علي متعمدا فليتبوأ مقعده من النار )(1).

2 ــ قول أبي سعيد الخدري : ( استأذنت النبي صلى الله عليه وسلم أن يأذن لي أن أكتب الحديث ، فلم يأذن لي )(2).

3 ــ عن أبي هريرة قال : خرج علينا رسول الله صلى الله عليه وسلم ونحن نكتب الأحاديث فقال : ( ما هذا الذي تكتبون ؟ قلنا أحاديث نسمعها منك ، قال : كتاب غير كتاب الله ؟ أتدرون؟ ما ضل الأمم قبلكم إلا بما اكتتبوا من الكتب مع كتاب الله ؟ قلنا : أنحدث عنك يا رسول الله ؟ قال : حدثوا عني ولا حرج ، ومن كذب علي متعمدا فليتبوأ مقعده من النار ، قلنا : فنتحدث عن بني إسرائيل ؟ قال : حدثوا ولا حرج ، فإنكم لم تحدثوا عنهم بشيء إلا وقد كان فيهم أعجب منه ، قال أبو هريرة : فجمعناها في صعيد واحد ، فألقيناها في النار )وفي لفظ ( أكتاب مع كتاب الله ؟أمحضوا كتاب الله وأخلصوه )(3) .

4 ــ عن المطلب بن عبد الله بن حنطب قال : ( دخل زيد بن ثابت على معاوية فسأله عن حديث ، فأمر إنسانا يكتبه ، فقال له زيد : إن رسول الله صلى الله عليه وسلم أمرنا ألا نكتب شيئا من حديثه ، فمحاه )(4).

5 ــ عن أبي نضرة قال : قلنا لأبي سعيد : لو كتبتم لنا ، فإنا لا نحفظ ؟ قال : لا نكتبكم ، ولا نجعلها مصاحف ، كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يحدثنا فنحفظ ، فاحفظوا عنا كما كنا نحفظ عن نبيكم )(5) .

 


 


(1) أخرجه مسلم ، كتاب الزهد ، باب التثبت في الحديث وحكم كتابة العلم ( 72 ) ، والدارمي ، المقدمة ، باب من لم ير كتابة الحديث ( 1 / 119 )، والإمام أحمد ( 3 / 12 ، 21 ، 39 ، 567 ) ، وابن عبد البر في جامع بيان العلم ، باب ذكر كراهية كتابة العلم وتخليده في الصحف ( 1 / 76 ) ، والخطيب البغدادي في ( تقييد العلم ) ص 29 ــ 32 .

(2) أخرجه الترمذي ، كتاب العلم ، باب ما في كراهية كتابة العلم ( 2665 ) بمثله ، وقال : وقد روي هذا الحديث من غير هذا الوجه أيضا عن زيد بن أسلم . والدارمي، المقدمة ، باب من لم ير كتابة الحديث ( 1/ 119 ) بلفظ مقارب . والخطيب في ( تقييد العلم ) بروايات عديدة ص 32 ، 33 بلفظه وبنحوه .

(3) أخرجه أحمد ( 3 / 12 ، 13 ) من حديث أبي سعيد الخدري ، بلفظ قريب . والخطيب في تقييد العلم ص 33 ــ 35 بلفظه وبنحوه ، وقال الهيثمي في مجمع الزوائد ( 1 / 150 ، 151 ) : " رواه أحمد وفيه عبد الرحمن بن زيد بن أسلم وهو ضعيف ، وبقية رجاله رجال الصحيح .

(4) أخرجه أبو داود ، كتاب العلم ، باب في كتاب العلم ( 2 / 286 ) بلفظه ، وأحمد ( 5 / 182 ) بلفظه ، من حديث زيد بن ثابت ، والخطيب في تقييد ص35 ، وابن عبد البر في جامع بيان العلم ( 1 / 76 )

(5) أخرجه الدارمي ، المقدمة ، باب من لم ير كتابة الحديث ( 1 / 122 ) بمعناه ، والخطيب في ( تقييد العلم ) ص 36 ــ 38 بلفظه وبمعناه ، وابن عبد البر في ( جامع بيان العلم ) 1 / 76 ، 77 بمعناه .

 



بحث عن بحث