تحسين حديث : " اتقوا فراسة المؤمن ، فإنه ينظر بنور الله "

 

 

أخرج الإمام الحافظ ابن عبد البر في ( جامع بيان العلم وفضله ) ( 1/677 ) ط ابن الجوزي : حدثنا عبد الوارث، حدثنا قاسم، حدثنا أحمد بن زهير، حدثنا يحيى بن معين، قال: حدثنا عبد الله بن صالح، قال: حدثنا معاوية بن صالح، عن راشد بن سعد, عن أبي أمامة، عن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: "اتقوا فراسة المؤمن، فإنه ينظر بنور الله, عز وجل" . قال فضلية الشيخ أبو الأشبال الزهيري - حفظه الله - : حديث حسن . وقد روي من حديث أبي سعيد الخدري ، وأبي هريرة ، وعبد الله بن عمر ، وثوبان رضي الله عنهم بأسانيد شديدة الضعف . أما حديث أبي أمامة فأخرجه : الطبراني في ( الكبير ) ( 8/7497/121 ) ، وابن عدي في ( الكامل ) ( 4/1523 ) ، والخطيب في (التاريخ ) ( 5/99 ) وأبو نعيم في ( الحلية ) ( 6/118 ) من طرق عن عبد الله بن صالح أبي صالح كاتب الليث به . قال الهيثمي في ( المجمع ) ( 10/268 ) : ( رواه الطبراني ، وإسناده حسن ) . وقال ابن عدي : ( ولا أعلم يرويه عن راشد بن سعيد غير معاوية بن صالح وعن معاوية أبو صالح ثنا جعفر ثنا أبو صالح عن معاوية بن صالح ... وعنده عن معاوية بن صالح نسخة كبيرة ... وهو عندي مستقيم الحديث إلا أنه يقع في حديثه في أسانيده ومتونه غلط ولا يتعمد الكذب وقد روى عنه يحيى بن معين ) . وقال السيوطي في ( اللآليء ) ( 2/330 ) : ( فإنه بمفرده على شرط الحسن ، وعبد الله بن صالح لا بأس به ) . وقد ذهب شيخنا الإمام ، زينة الزمان وبهجته العلامة الألباني في ( الضعيفة ) ( 1821 ) إلى تضعيف هذا الحديث من جميع طرقه ، وجعل - حفظه الله - ، ( رحمه الله ) ، علة هذا الطريق عبد الله بن صالح كاتب الليث . وليسمح لنا شيخنا - أعزه الله - أن نخالفه مع قلة البضاعة ، وحجتنا في ذلك أمور ثلاثة : الأول : قال الحافظ في ( التقريب ) : ( صدوق, كثير الغلط ، ثبت في كتابه، وكانت فيه غفلة ) . فهو ثبت في كتابه ، وأحاديثه عن معاوية بن صالح من كتاب كما تقدم من كلام ابن عدي ، فانتفى عنه الغلط والغفلة ، والله أعلم . الثاني : قال الحافظ في ( هدي الساري ) ( ص 414 ) بعد أن ذكر أقوال أهل العلم في عبد الله بن صالح قال : ( قلت : ظاهر كلام هؤلاء الأئمة أن حديثه في الأول كان مستقيما ثم طرأ عليه فيه تخليط فمقتضى ذلك أن ما يجيء من روايته عن أهل الحذق كيحيى بن معين والبخاري وأبي زرعة وأبي حاتم فهو من صحيح حديثه وما يجيء من رواية الشيوخ عنه فيتوقف فيه ) . قلت : وهذا من رواية ابن معين عنه ، ويؤيده ما أشار إليه ابن عدي بقوله : ( وقد روى عنه يحيى بن معين . قلت : ( طاهر المحسي ) وقد رجح العلامة الألباني - رحمه الله - ذلك أخيراً وأخذ به . قال في كتابه القيم الفذ العجاب ( النصيحة ) ( ص 220 ) : ( وهذا إسناد رجاله ثقات رجال الشيخين ؛ غير عبد الله بن صالح وهو كاتب الليث ، الخلاف فيه معروف ، وقد أورده الحافظ في ( مقدمة الفتح ) (ص 414 ) ، وذكر فيه طائفة من أقوال الأئمة ، ما بين موثق ومضعف ، ثم عقب على ذلك بقوله : ( قلت : ظاهر كلام هؤلاء الأئمة أن حديثه في الأول كان مستقيما ثم طرأ ....إلخ ) . قلت : وعلى هذا التفصيل يكون حديث عبد الله بن صالح - هنا - عن الليث من صحيح حديثه ؛ لرواية البخاري ) . انتهى كلامه رحمه الله . وقال في ( الضعيفة ) ( 6904 ) : ( وأما ( عبد الله بن صالح ) : فهو مشهور ومعروف بالضعف ؛ إلا في رواية بعض الأئمة عنه ؛ كما قرره الحافظ في ( مقدمة الفتح ) ... ) . الثالث : شواهد الحديث التي ذكرناها ، وان كانت ضعيفة إلا أنها تدل على أن للحديث أصلاً . والله أعلم . فائدة عزيزة حول حديث عبدالله بن صالح كاتب الليث بن سعد / للإمام المحدث الألباني - رحمه الله تعالى - : وفي أسئلة الشيخ الفاضل أبي العينين أحمد بن إبراهيم - حفظه الله - للإمام العلامة المحدث الألباني - رحمه الله تعالى - ( ص 163 ) : س - قال أبوعبدالله : قال الحافظ في مقدمة الفتح عن أبي صالح كاتب الليث : ما يجىء من روايته عن أهل الحذق كيحيى بن معين والبخاري وأبي زرعة وأبي حاتم ، فهو من صحيح حديثه ...... ج - قال الشيخ : ( رواية الأولين الذين ذكرهم لا نجد لنا ما نرده به ، ومن باب أن المتأخر يستفيد من المتقدم ، ونقدر جهودهم التي لا تتيسر لنا ، فما دام هذا الإمام أعني ؛ ابن حجر ذكر هذا الفرق ، ونحن نأسف أننا لم نتنبه له إلا أخيراً ، فذهبنا نحذوا حذوهم ، فنفرق بين حديث كاتب الليث ؛ فما رواه عنه إمام من الأئمة كالبخاري وابن معين والإمام أحمد ، أو رواه عنه ناس آخرون ، ولو كانوا من الثقات ، لكن ليس لهم تلك القدم التي لهؤلاء الأئمة المذكورين الذين يميزون بين صحيح حديث مشايخهم عن غيره . ولعلكم تذكرون الشخص الذي قيل فيه إنه كان ( لعله شعبة أو غيره ) كان يضعف رجلا ويروي عنه ، فقيل له : كيف تجمع بين تضعيفه وبين الرواية عنه ؟ نحن نميز صحيح حديثه من ضعيفه ، فمثل هؤلاء الذين اصطفاهم ابن حجر على غيرهم ، وخص ما يرونه من الحديث عن كاتب الليث بالصحة دون الآخرين ؛ وذلك لأنه لاحظ فيهم ما قيل بحق شعبة : أنه يعرف أن هذا فيه ضعف ، لكنه يميز حديثه الصحيح من الضعيف . الخلاصة : ليس عندنا ما نرد هذا القول إلا بالغرور والإعجاب بما عندنا من جهل ) . ونشره : طاهر بن نجم الدين المحسي



بحث عن بحث