من أحكام البيع بالتقسيط

الكاتب : كريم إمام الجمل

بسم الله والحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن تبع هداه إلى يوم الدين اللهم آمين ,ثم أما بعد ...

من المعلوم إن البيع بالتقسيط من المواضيع المهمة جداً لأن كثير من المسلمين يتعاملون بهذه المعاملة في أمور البيع والشراء فواجب على كل مسلم إذا أراد أن يتعامل بهذه المعاملة أن يتعلم فقه هذه المعاملة وما يجوز فيها ومالا يجوز وهذا الموضوع لأهميته تكلم فيه كثير من العلماء لاسيما المجمعات الفقهية وأصحاب الرسائل العلمية ومساهمة منى لإخواني المسلمين وضعت هذه المادة المختصرة بعد دراسة متواضعة منى والله أسأل أن يوفقني إلى الصواب

تعريف البيع بالتقسيط :

 بيع حال بثمن مؤجل يؤدى على أجزاء معلومة في أوقات معلومة .

حكمه :

 جائز شرعاً ولكن بالشروط الشرعية لقول عائشة -رضي الله عنها- { اشترى رسول الله من يهودي طعاماً بنسيئة "أي بالأجل" ورهنه درعاً له من حديد } متفق على صحته

ما يجوز في البيع بالتقسيط :

1- يجوز أن تذهب إلى مالك السلعة الحقيقي سواء كان معرض أو شركة أو أي إنسان أو ما ينوب عنه " كالولي أو الوكيل" وتشترى منه السلعة المراد شرائها بأي سعر اتفقتم عليه قل أو كثر"والإسلام لم يحدد سعر لأي نوع من أنواع البيع ولكن حث على المسامحة والعرف الحسن وعدم الغش والاحتكار والاستغلال وغير ذلك " وبمدة أيضاً متفق عليها وبسعر معلوم بالتراضي القولي أو الكتابي وليس القلبي .

2- ويجوز أن تذهب إلى رجل ليس معه السلعة المراد شرائها سواء كان تاجر في سلعة أخرى غير هذه السلعة أو يملك المال فقط أو بنك إسلامي أو غيره وتقول له لو اشتريت السلعة الفلانية أو أختها احتمال أن شاء الله أشتريها منك, وأن أشترى السلعة وأخبرك فأنت بالخيار أذا كنت قد اشتريت سلعة أخرى أو لم تشترى فلا جناح عليك أن لم تشتريها وأن أردت أن تشتريها فأشتريها منه والسلعة يملكها وبحوزته وتحت نظرك وهذا الشرطين قد أشترطهما جماهير العلماء قديماً وحديثاً والأولى والأحوط الابتعاد عن هذه المعاملة أن أمكن والله الموفق .

مالا يجوز في البيع بالتقسيط :

 1- لا يجوز البيع بالإكراه على أحد الطرفين بالإجماع ولقول النبي صلى الله عليه وسلم {إنما البيع عن تراضِ}رواه بن ماجه وصححه الألباني .

 2- لا يجوز أن يعطى التاجر النقود للمشترى ويقول له أشترى ما بدا لك ثم يتفقوا على السلعة ,هذا ربا بالجماع لأنه ليس بيع ولكن قرض جر منفعة

 3- لا يجوز أن يذهب التاجر مع المشترى ليدفع له ما يشتريه فقط وهذا أيضاً ربا ولكنه بشكل متطور ولقول النبي صلى الله عليه وسلم لحكيم بن حزام رضي الله عنه عندما سأله بقوله {يأتيني الرجل يسألني من البيع ما ليس عندي أبتاع له من السوق ثم أبيعه قال لا تبع ما ليس عندك } رواه بن ماجه وصححه الألباني.

4- لا يجوز أن تذهب إلى رجل يتاجر بماله ولا يتاجر بسلعة تريد منه أن يشترى لك سلعة لا تملك أنت المال لشرائها ثم تتفق عليها " سواء بإعطائه عربون أو مقدم شراء أو اتفاق شفوي أو بشرط جزائي أن لم تشتريها أو بوعد ملزم لأنه بمثابة أتفاق أو مثل ذلك الأمور لا يجوز لقول النبي صلى الله عليه وسلم لحكيم بن حزام رضي الله عنه عندما سأله بقوله {يأتيني الرجل يسألني من البيع ما ليس عندي أبتاع له من السوق ثم أبيعه قال لا تبع ما ليس عندك } رواه بن ماجه وصححه الألباني فلا يجوز البيع بهذه الطريقة ولو أتى التاجر بالسلعة إلى بيته ثلاثة أيام كما يفعل أو أكثر والله أعلم .

5- لا يجوز أن يشترى سلعة من تاجر أشتراها التاجر ولم يملكها على الحقيقة مع الاستطاعة أو يتصل التاجر بالتليفون بمعرض مثلاً ويقول له السلعة الفلانية أو أختها اشتريتها منك قل وافقت فيقول ثم يقول له التاجر سوف أرسل لك شخص ليأخذها ويذهب المشترى لوحده أو مع مندوب وانتهت الحيلة وهى لا تجوز لقول زيد بن ثابت رضي الله عنه{نهى النبي أن تبتاع السلع حيث تبتاع حتى يحوزها التجار إلى رحالهم}رواه أبو داود وحسنه النووي والألباني .

 6-لا يجوز أن تشترى سلعة لم تراها ولا تعرف معالمها بالتفصيل أو تشترى سلعة من مالكها ولكن لا يستطيع تسلمها لك فهذان من صور البيع بالغرر وقد نهى النبي صلى الله عليه وسلم عنه لحديث أبى هريرة رضي الله عنه { نهى النبي عن بيع الغرر } رواه مسلم .

7- ولا يجوز بيع الكالئ بالكالئ بالإجماع ومن صوره أن تشترى سلعة بالتقسيط وتأخذ السلعة بالتقسيط أيضا أو يأخذ التاجر السلعة حتى تستوفى دفع الأقساط كاملة ولو اشترط ذلك أيضا " ولكن له أن يأخذ رهن أو مستند بالثمن " ومن صورة أيضا أن البائع يأتي للمشترى يوم السداد فيقول له المشترى ليس معي نقود فبعلي السلعة إلى أجل أخر بثمن أكبر فهذا عين الربا .

 8- لا يجوز أن يتدخل في البيع طرف ثالث مثلاً أراد شخص أن يشترى سيارة وليس معه مال فيذهب إلى صاحب السيارة فيتفق على ثمنها ثم يأتي بالطرف الثالث ليدفع الثمن ثم يسدد له الثمن بالتقسيط فهذا ربا لأنه قرض جر منفعة .

 9-لا يجوز أخذ أي مستند خالي من كل شيء إلا التوقيع (شيك على بياض, وصل أمانة على بياض) فإنه من بيع الغرر وقد نهى النبي صلى الله عليه وسلم عن ذلك .

10- لا يجوز المماطلة من المشترى إذا كان قادراً ومع ذلك لا يجوز أخذ تعويض على ذلك أو شرط جزائي ولكن يجوز أي شرط أخر شرعي للمعسر ويجوز رفع المستندات إلى القاضي على المماطل وهو قادر .

 11- لا يجوز أن ينصرف البائع والمشترى دون اتفاق مبرم على شيء واحد أجل أو عاجل "قسط أو كاش " ونوع البيع والمدة والثمن وغير ذلك .

 12- لا يجوز الاتفاق على شرط محرم كأن يتفقوا على إذا كان المدة سنة فالثمن مائة وإذا كانت المدة سنتين فالثمن مائتين وهكذا وينهوا الاتفاق على ذلك .

 13- لا يجوز أن يشترى عملة أو ذهب أو فضة بالتقسيط وإن لم يزد في الثمن فهذا ربا أيضاً ومنهي عنه لقول رسول الله صلى الله عليه وسلم {الذهب بالذهب والفضة بالفضة يداً بيد فمن زاد أو استزاد فقد أربى , الآخذ والمعطى سواء } متفق عليه .

 14- لا يجوز بيع أو شراء شيء محرم سواء نقداً أو تقسيط لقول رسول الله {إن الله إذا حرم على قوم أكل شيء حرم ثمنه } رواه أبو داود وحسنه الأرناؤوط .

 15- لا يجوز بيع شيء يعين على معصية الله لقول الله { وَتَعَاوَنُواْ عَلَى الْبرِّ وَالتَّقْوَى وَلاَ تَعَاوَنُواْ عَلَى الإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ } المائدة .

 16- أما الأشياء التي تستعمل بوجهين "بالطاعة والمعصية " فحكمها غلبة الظن بمعنى أنت تظن أن المشترى هذا سيستعمل السلعة في الخير فجائز بيعها له ولو هذا سيستعملها بالمعصية فحرام بيعها له وهذا سيستعملها بالإثنين ففيها شبهه وهذا لا تظن فيه أي شيء أبدا فيجوز بيعها ولا يجب عليك أن تسأله ولكن تنصحه بصفة عامة والله اعلم .

 17- لا يجوز شراء السلعة بالتقسيط ثم تبيعها نقداً لنفس التاجر بثمن أقل فهذا  بيع بالعينة تحايل على الربا وقد نهى النبي صلى الله عليه وسلم عنه وقال {إذا تبايعتم بالعينة وأخذتم أذناب البقر ورضيتم بالزرع وتركتم الجهاد سلط الله عليكم ذلا لا ينزعه حتى ترجعوا إلى دينكم } رواه أبو داود وصححه الألباني .

 18- لا يجوز أن يشترط المشترى أن إذا دفع عدة أقساط يخصم منه من الثمن الكلى ولكن إذا تغير حال المشترى وأراد أن يدفع المبلغ كاملاً جملةً واحدة فلا يشترط على البائع الخصم ولكن لو خصم البائع برضاه أي مبلغ لا بأس لقول رسول الله صلى الله عليه وسلم{ إنه لا يحل مال امرء مسلم إلا بطيب نفس منه} رواه احمد وحسنه الألباني, ولكن لو خصم البائع برضاه أي مبلغ لا بأس وقد أمر النبي صلى الله عليه وسلم بعض أصحابه بأن يضع شطر الدين عن الدائن .

والله اعلم هذا ما وفقني الله بجمعه من كتب شتى وأهمها " بحوث مجمع الفقه الإسلامي بجده وفتاوى اللجنة الدائمة بالمملكة ورسائل الإمامان " ابن باز وابن عثيمين رحمهما الله " وإن كان صواب فمن الله وحده وإن كان خطأ فمنى وأرجوا من الأخوة النصيحة وأن يتقبلوا عذري فأنا طويلب علم.

                                     أخوكم : كريم إمام الجمل

والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته

 

 



بحث عن بحث