تصحيح حديث : " رضى الرب في رضى الوالد و سخط الرب في سخط الوالد " .

 

الكاتب : طاهر نجم الدين المحسي

أولاً : قال العلامة المحدث الألباني في ( الصحيحة ) (516 ) : ( أخرجه الترمذي ( 1 / 346 ) و ابن حبان ( 2026 ) و الحسن بن سفيان في " الأربعين " ( ق 69 / 2 ) من طريق خالد بن الحارث حدثنا شعبة عن يعلى بن عطاء عن أبيه عن عبد الله بن عمرو عن النبي صلى الله عليه وسلم به .

ثم أخرجه الترمذي من طريق محمد بن جعفر و البخاري في " الأدب المفرد " رقم ( 2 ) عن شعبة به موقوفا على ابن عمرو و لم يرفعه . و قال الترمذي : " و هذا أصح و هكذا روى أصحاب شعبة عن شعبة عن يعلى بن عطاء عن أبيه عن عبد الله بن عمرو موقوفا و لا نعلم أحدا رفعه غير خالد بن الحارث عن شعبة و خالد بن الحارث ثقة مأمون " . قلت : و قد احتج به الشيخان و قال الحافظ في " التقريب " : " ثقة ثبت " و قد وجدت له متابعين على رفعه :

الأول : عبد الرحمن حدثنا شعبة به مرفوعا ، أخرجه الحاكم ( 4 / 151 - 152 ) من طريقين عنه و قال : " صحيح على شرط مسلم " . و وافقه الذهبي و هو كما قالا و عبد الرحمن هو ابن مهدي و هو من هو في الثقة و الحفظ و الضبط . و أحد طريقيه عند الحاكم من رواية عبد الله بن أحمد عن أبيه عنه و لم أره في مسند أحمد . و الله أعلم .

و الآخر أبو إسحاق الفزازي عن شعبة به ، أخرجه أبو الشيخ في " الفوائد " ( ق 81 / 2 ) و ابن عساكر في " تاريخ دمشق " ( 4 / 76 / 1 ) . و أبو إسحاق هذا هو إبراهيم بن محمد بن الحارث و هو إمام ثقة حافظ محتج به في " الصحيحين " أيضا . قلت : فهؤلاء ثلاثة من الثقات الأثبات اتفقوا على رواية الحديث عن شعبة مرفوعا فثبت الحديث بذلك و أن قول الترمذي : إن الموقوف أصح إنما هو باعتبار أنه لم يعلم أحدا رفعه غير خالد بن الحارث أما و قد وجدنا غيره قد رفعه ، فالرفع أصح و ذلك كله مصداق لقول من قال : كم ترك الأول للآخر . و له طريق أخرى عن يعلى بن عطاء . عند أبي نعيم في " الحلية " ( 6 / 215 ) و لكن لا أدري إذا كان وقع في إسناده تحريف أم لا ).

ثانياً : قلت : وقد تابع خالد بن الحارث على رفعه ثقات آخرون :

1 - الحسين بن الوليد لقبه كميل وهو ثقة ؛ عند البيهقي في (الشعب) : (6/177)  أخبرنا أبو الحسن محمد بن الحسين بن داود العلوي أن أحمد بن محمد بن الحسن الحافظ ، أبو أحمد الفراء و الحسن بن هارون قالا : أخبرنا الحسين بن الوليد عن شعبة عن يعلى بن عطاء عن أبيه عن عبد الله بن عمرو قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم : " رضا الله في رضا الوالدين و سخط الله في سخط الوالدين " . قلت : هذا إسناد صحيح رجاله كلهم ثقات أثبات ؛ ولا يقلنّ قائل : إن اللفظ مختلف عن لفظ الطريق الأول ؛ ليس الأمر كذلك ؛ لفظ الطريق مجمل ؛ وهذا مُبين لما أُجمل في الطريق الأول ؛ وهذا ما يفهمه كل من قرأ لفظ الطريق الأول أن المقصود منه كلا الوالدين ، وليس أحدهما فقط ؛ فتأمل منصفاً .

2 - هارون بن زيد بن أبي الزرقاء وهو ثقة ؛ أخرجه الحافظ الذهبي في ( تذكرة الحفاظ ) ( 2/205 ) وفي ( السير ) ( 14/147 ) من طريق : أبو سعيد الكنجرودي أنا أبو عمرو الحيري أنا عبد الله بن محمد بن سيار الفرهاذاني ثنا هارون بن زيد بن أبي الزرقاء نا أبي ثنا شعبة عن يعلى بن عطاء عن أبيه عن عبد الله بن عمرو قال : قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم : "رضى الله في رضى الوالد وسخط الله في سخط الوالد" . قلت : هذا إسناد صحيح رجاله كلهم ثقات أثبات .

3 - أبو عتاب الدلال وهو سهل بن حماد صدوق ؛ عند ابن بطة في ( الإبانة ) ( 99 ) : حدثنا أبو الفضل جعفر بن محمد القافلائي قال ثنا عبد الملك بن محمد الرقاشي قال ثنا أبو عتاب الدلال قال ثنا شعبة عن يعلى بن عطاء عن أبيه عن عبد الله بن عمرو قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " رضي الرب في رضا الوالد وسخط الرب في سخط الوالد " . قلت : هذا إسناد حسن ؛ عبد الملك بن محمد الرقاشي صدوق يخطئ .

قلت : وللحديث شاهد صحيح أخرجه أبو الحسين بن أبي يعلى في ( طبقات الحنابلة ) ( 1/ 177 ) من طريق : أبو ميمون صفدي بن الموفق السراج حدثنا أحمد بن حنبل حدثنا عفان حدثنا حماد بن سلمة عن عطاء بن السائب عن أبيه عن عبد الله بن عمرو بن العاص قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: " رضى الله عز وجل في رضى الوالد وسخط الله في سخط الوالد " . قلت : هذا إسناد صحيح رجاله ثقات ؛ غير عطاء كان قد اختلط ، ولكن حماد بن سلمة روى عنه قبل الاختلاط ؛ قال النسائي ثقة في حديثه القديم إلا أنه تغير ورواية حماد بن زيد وشعبة وسفيان عنه جيدة . وقال البخاري في ( تاريخه ) : قال على : سماع خالد بن عبدالله من عطاء بن السائب بآخره وسماع حماد بن زيد منه صحيح وقال العقيلى تغير حفظه وسماع حماد ابن زيد منه قبل التغير .

 



بحث عن بحث