الحديث الثاني صحة إسلام الصبي(2)

 

 

مسالك العلماء في دفع هذا الإشكال :

اختلفت مسالك العلماء في الجواب عن هذه الأحاديث إلى مسلكين :

المسلك الأول : الجمع .

سلك جماعة من أهل العلم في هذه الأحاديث مسلك الجمع ، واختلفوا في وجه الجمع على أقوال :

القول الأول : إن الصبي إذا أسلم صح إسلامه لعموم الأحاديث الدالة علة صحة إسلام من قال : لا إله إلا الله . وأما حديث ( رفع القلم عن ثلاثة ) فالمراد : رفع كتابة الإثم لا رفع الكتابة عموما ، فيكتب للصبي ما له دون ما عليه ، والإسلام من أعظم العبادات وأجل الحسنات فلا يمنع فضلها ولا يحرم أجرها .

وهذا القول هو قول أبي يوسف من الحنفية وابن خزيمة وابن حبان وابن العربي والقرافي وابن قدامة وابن القيم والصنعاني(1).

قال ابن القيم : " أما قوله :( رفع القلم عن ثلاثة ) فلم يرد به النبي صلى الله عليه وسلم أنه لا يصح إسلامه ولا ذكره ولا قراءته ولا صلاته ولا صيامه ، فإنه لم يخبر أن قلم الثواب مرفوع عنه ، وإنما مراده بهذا الحديث رفع قلم التأثيم وأنه لا يكتب عليه ذنب ، والإسلام أعظم الحسنات وهو له لا عليه ، فكيف يفهم من رفع القلم عن الصبي بطلانه وعدم اعتباره والإسلام له لا عليه ، ويسعد به في الدنيا والآخرة "(2) .

وقال ابن قدامة :" فأما قول النبي صلى الله عليه وسلم : ( رفع القلم عن ثلاثة ) فلا حجة لهم فيه ، فإن هذا يقتضي ألا يكتب عليه ذلك ، والإسلام يكتب له لا عليه ، ويسعد به في الدنيا والآخرة ، فهو كالصلاة تصح منه وتكتب له لا عليه ، وكذلك غيرها من العبادات المحضة "(3) .

وقال الصنعاني : " المراد برفع القلم عدم المؤاخذة لا قلم الثواب ، فلا ينافيه صحة إسلام الصبي المميز "(4).


(1)  بدائع الصنائع ( 7 / 134 ) ، صحيح ابن خزيمة ( 4 / 349 )  والإحسان ( 1 / 357 ) ، عارضة الأحوذي ( 6 / 197 ) ، الذخيرة ( 12 / 16 )، المغني ( 12 / 279 ) ، إحكام أهل الذمة ( 2/ 907 ) ، سبل السلام ( 6 / 231 )

(2) أحكام أهل الذمة ( 2 / 907 ).

(3) المغني ( 12 / 279 ) .

(4) سبل السلام ( 6 / 231 ) .

 



بحث عن بحث