غار حراء

 

عندما بلغ محمد الأربعين من العمر ، صار يشعر بصفاء روحي عجيب ، صار يزداد يوماً بعد يوم .. حتى صار إذا رأى الرؤيا في المنام رآها في اليقظة تماماً مثل فلق الصبح (1) .

ثم صار يخرج إلى البرية ويحب الخلوة والابتعاد عن الناس فكان لا يمر بشجر ولا حجر إلا قال (2) : السلام عليك يا رسول الله . (كان يخلو بغار حراء فيتحنث فيه – وهو التعبد – الليالي ذوات العدد قبل أن ينزع إلى أهله ويتزود لذلك ، ثم يرجع إلى خديجة فيتزود لمثلها ، حتى جاءه الحق وهو في غار حراء ، فجاءه الملك فقال : اقرأ ، قال : (ما أنا بقارئ) ، قال: فأخذني فغطني حتى بلغ مني الجهد ثم أرسلني فقال : اقرأ : قلت (ما أنا بقارئ) فأخذني فغطني الثانية حتى بلغ مني الجهد ثم أرسلني فقال : اقرأ ، فقلت : (ما أنا بقارئ) فأخذني فغطني الثالثة ثم أرسلني فقال : ( اقرأ باسم ربك الذي خلق * خلق الإنسان من علق * اقرأ وربك الأكرم ) [العلق 1-3] فرجع بها رسول الله صلى الله عليه وسلم يرجف فؤاده ، فدخل على خديجة بنت خويلد فقال : " زملوني ، زملوني " فزملوه حتى ذهب عنه الروع ، فقال لخديجة – وأخبرها الخبر – (لقد خشيت على نفسي) فقالت له خديجة كلا ، والله! ما يحزنك الله أبداً ، إنك لتصل الرحم ، وتحمل الكل، وتكسب المعدوم ، وتقري الضيف ، وتعين على نوائب الحق..) .


(1) البخاري ، كتاب بدء الوحي ، باب كيف كان بدء الوحي إلى رسول الله (3 – 1) .

(2) مسلم ، كتاب الفضائل ، باب فضل نسب النبي صلى الله عليه وسلم وتسليم الحجر عليه قبل البعثة (5939 – 1008) .

 

 



بحث عن بحث