إغواء الشيطان للإنسان: (الشيطان قعد لابن آدم بأطرقه)

 

عنْ سَبْرَةَ بْنِ أَبِي فَاكِهٍ، قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: إِنَّ

 

الشَّيْطَانَ قَعَدَ لابْنِ آدَمَ بِأَطْرُقِهِ, فَقَعَدَ لَهُ بِطَرِيقِ الإِسْلَامِ؛ فَقَالَ: تُسْلِم

 

وَتَذَرُ دِينَكَ وَدِينَ آبَائِكَ وَآبَاءِ أَبِيكَ؟ فَعَصَاهُ فَأَسْلَمَ, ثُمَّ قَعَدَ لَهُ بِطَرِيقِ

 

الْهِجْرَةِ, فَقَالَ: تُهَاجِرُ وَتَدَعُ أَرْضَكَ وَسَمَاءَكَ؟ وَإِنَّمَا مَثَلُ الْمُهَاجِرِ كَمَثَلِ

 

الْفَرَسِ فِي الطِّوَلِ, فَعَصَاهُ فَهَاجَرَ, ثُمَّ قَعَدَ لَهُ بِطَرِيقِ الْجِهَادِ, فَقَالَ:

 

تُجَاهِدُ فَهُوَ جَهْدُ النَّفْسِ وَالْمَالِ, فَتُقَاتِلُ فَتُقْتَلُ, فَتُنْكَحُ الْمَرْأَةُ, وَيُقْسَمُ

 

الْمَالُ, فَعَصَاهُ فَجَاهَدَ, فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: فَمَنْ فَعَلَ

 

ذَلِكَ كَانَ حَقًّا عَلَى اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ أَنْ يُدْخِلَهُ الْجَنَّةَ, وَمَنْ قُتِلَ كَانَ حَقًّا عَلَى

 

اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ أَنْ يُدْخِلَهُ الْجَنَّةَ, وَإِنْ غَرِقَ كَانَ حَقًّا عَلَى اللَّهِ أَنْ يُدْخِلَهُ

 

الْجَنَّةَ, أَوْ وَقَصَتْهُ دَابَّتُهُ كَانَ حَقًّا عَلَى اللَّهِ أَنْ يُدْخِلَهُ الْجَنَّةَ (1).

 

 

 

شرح المفردات(2):

(أَطْرُق) بِضَمِّ الرَّاء جَمْعُ طَرِيق.

 

(تُسْلِم): أَيْ كَيْف تُسْلِم.

 

(تذر، وتدع): تترك.

 

(الطِّوَل): بِكَسْرِ الطَّاء وَفَتْح الْوَاو, وَهُوَ الْحَبْل الطويل الَّذِي يُشَدّ أَحَد طَرَفَيْهِ فِي

وَتَد, وَالطَّرَف الْآخِر فِي يَد الْفَرَس؛ ليدور ويرعى ولا يذهب لوجهه.

 

(جَهْد النَّفْس) بِفَتْحِ الْجِيم بِمَعْنَى الْمَشَقَّة وَالتَّعَب, وَالْمُرَاد بِالْمَالِ: الْجَمَال وَالْعَبِيد

وَنَحْوهمَا, أَو الْمَال مُطْلَقًا, وَإِطْلَاق الْجَهْد لِلْمُشَاكَلَةِ أَيْ تَنْقِيصه وَإِضَاعَته.

 

(وَقَصَتْهُ دَابَّتُهُ): أي: ألقته عنها فكسرت عنقه.

 

(وَإِنْ غَرِقَ) من باب: سَمِعَ.

 

المثل الذي ضرب به في الحديث:

 

(مَثَل الْمُهَاجِر كَمَثَلِ الْفَرَس فِي الطِّوَل): وهَذَا مِن كَلَام الشَّيْطَان.

 

 وَمَقْصُوده: أَنَّ الْمُهَاجِر يَصِير كَالْمُقَيَّدِ فِي بِلَاد الْغُرْبَة، لَا يَدُور إِلَّا فِي بَيْته, وَلَا

يُخَالِطهُ إِلَّا بَعْض مَعَارِفه؛ فَهُوَ كَالْفَرَسِ فِي طِوَل؛ لَا يَدُور وَلَا يَرْعَى إِلَّا بِقَدْرِهِ,

بِخِلَافِ أَهْل الْبِلَاد فِي بِلَادهمْ؛ فَإِنَّهُمْ مَبْسُوطُينَ لَا ضِيق عَلَيْهِمْ, فَأَحَدهمْ كَالْفَرَسِ

الْمُرْسَل (3).

فوائد الحديث:

1-       أن الشيطان حريص على إغواء بني آدم؛ فهو العدو اللدود لبني آدم،

لذا على المسلم أن يكون على حذر منه دائماً وقد قال تعالى:

(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا ادْخُلُوا فِي السِّلْمِ كَافَّةً وَلا تَتَّبِعُوا خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُبِينٌ)[سورة البقرة: 208].

 

2-       أن الشيطان لا ييأس من الإنسان، فإذا فاته في أمر حرص على

تثبيطه عن غيره، حتى يقطعه عن الخير ويثنيه عنه.

 

3-      فضل الإيمان، والهجرة، والجهاد وأنها من أسباب دخول الجنة.

 

4-       أن الشهادة في سبيل الله من أسباب دخول الجنة، كما وعد الله عز وجل الغريق، ومن يسقط عن دابته فيموت بالجنة، فضلاً منه وإحساناً. 

 


 

(1)     سنن النسائي، برقم: (3136)، ومسند الإمام أحمد، 25/315، برقم: (15958), وصحّحه الألباني، ينظر: السلسلة الصحيحة, 7/ 180, (2979).

(2)     شرح سنن النسائي للسندي، 6/ 21-22.

(3)      شرح سنن النسائي للسندي، 6/ 22.

 



بحث عن بحث