من علم آية كان له ثوابها ما تليت

 

مما لا ريب فيه أن تعليم الناس القرآن الكريم هو من النفع المتعدي ، وهو مما يلحق المعلم من عمله الصالح وحسناته بعد موته .

فعن أبي هريرة رضي الله عنه قال ، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:( إِنَّ مِمَّا يَلْحَقُ الْمُؤْمِنَ مِنْ عَمَلِهِ وَحَسَنَاتِهِ بَعْدَ مَوْتِهِ : عِلْمًا نَشَرَهُ ، وَوَلَدًا صَالِحًا تَرَكَهُ ، وَمُصْحَفًا وَرَّثَهُ ، أَوْ مَسْجِدًا بَنَاهُ ، أَوْ بَيْتًا لاِبْنِ السَّبِيلِ بَنَاهُ ، أَوْ نَهْرًا أَجْرَاهُ ، أَوْ صَدَقَةً أَخْرَجَهَا مِنْ مَالِهِ فِي صِحَّتِهِ وَحَيَاتِهِ ، تَلْحَقُهُ مِنْ بَعْدِ مَوْتِهِ )(1)

وتعليم الناس القرآن العظيم داخل في عموم الدلالة على الخير، لقوله صلى الله عليه وسلم :( من دل على خير فله مثل أجر فاعله )(2)

قال النووي :"  فيه : فضيلة الدلالة على الخير والتنبيه عليه ، والمساعدة لفاعله ، وفيه : فضيلة تعليم العلم ووظائف العبادات ، لا سيما لمن يعمل بها من المتعبدين وغيرهم ، والمراد بمثل أجر فاعله . أن له ثوابا بذلك الفعل كما أن لفاعله ثوابا ، ولا يلزم أن يكون قدر ثوابهما سواء"(3)

وذهب بعض الأئمة إلى أن المثل المذكور في هذا الحديث ونحوه إنما هو بغير تضعيف .

وقال القرطبي:" إنه مثله سواء في القدر والتضعيف لأن الثواب على الأعمال إنما هو بفضل من الله يهبه لمن يشاء على أي شيء صدر منه خصوصا إذا صحت النية التي هي أصل الأعمال في طاعة عجز عن فعلها لمانع منع منها فلا بعد في مساواة أجر ذلك العاجز لأجر القادر والفاعل أو يزيد عليه"(4)

فكيف إذا جاء أجر تعليم القرآن منصوصا عليه حتى لو كانت آية واحدة في قوله صلى الله عليه وسلم :( من علم آية من كتاب الله عز وجل ، كان له ثوابها ما تليت )(5)

وهذا من الآثار الحسنة التي تكتب في ميزان معلم القرآن ، لأنه كان السبب المباشر في تعليمها .

ولذلك قال الله تعالى :( وَنَكْتُبُ مَا قَدَّمُوا وَآثَارَهُمْ)[ سورة يس / 12 ].


(1) أخرجه ابن ماجه ، المقدمة ، باب ثواب معلم الناس الخير ( 242 ) وابن خزيمة ( 249 ) وحسنه المناوي في فيض القدير ( ح2497) ووافقه الألباني في صحيح سنن ابن ماجه (ح198 )

(2) أخرجه مسلم ، كتاب الإمارة ، باب فضل إعانة الغازي في سبيل الله ( 1893 )

(3) شرح النووي على مسلم ( 13 / 41 ، 42 ).

(4) عون المعبود ( 14 / 26 ، 27 ).

(5) أخرجه سهل القطان في " حديثه عن شيوخه 4 / 243 /2 ) وصححه الألباني في الصحيحة ( ح 1335 ) .



بحث عن بحث