صاحب القرآن من وراء كل تجارة

 

 

وإذا كان كل تاجر من وراء تجارته ، فإن صاحب القرآن من وراء كل تجارة رابحة ، ذلك لأن القرآن سيأخذ بيده إلى الجنة ، ويحجزه عن النار ، ويدافع دونه عند رب العالمين ، ويرفعه في عليين .

أخرج الإمام أحمد والدارمي ــ بسند حسن ــ عن عبد الله بن بريدة عن أبيه قال : كنت جالسا عند النبي صلى الله عليه وسلم فسمعته يقول : ( تعلموا سورة البقرة ، فإن أخذها بركة ، وتركها حسرة ، ولا يستطيعها البطلة ) ، قال : ثم مكث ساعة ، ثم قال : ( تعلموا سورة البقرة وآل عمران ، فإنهما الزهروان ، يظلان صاحبهما يوم القيامة ، كأنهما غمامتان ، أو غيايتان ، أو فرقان من طير صواف ، وإن القرآن يلقى صاحبه يوم القيامة ، حين ينشق عنه قبره ، كالرجل الشاحب ، فيقول له : هل تعرفني ؟ فيقول : ما أعرفك ، فيقول له : هل تعرفني ؟ فيقول : ما أعرفك ، فيقول : أنا صاحبك القرآن الذي أظمأتك في الهواجر ، وأسهرت ليلك ، وإن كل تاجر من وراء تجارته ، وإنك اليوم من وراء كل تجارة ، فيعطى الملك بيمينه ، والخلد بشماله ، ويوضع على رأسه تاج الوقار ، ويكسى والداه حلتين لا يقوم لهما أهل الدنيا ، فيقولان : بم كسينا هذا ؟ فيقال : بأخذ ولدكما القرآن ، ثم يقال له : اقرأ واصعد في درج الجنة وغرفها ، فهو في صعود ما دام يقرأ هذا كان أو ترتيلا )(1) .

 وعن أبي صالح قال : سمعت أبا هريرة يقول : " اقرؤوا القرآن ، فإنه نعم الشفيع يوم القيامة ، إنه يقول يوم القيامة : يارب ، حله حلية الكرامة ، فيحلى حلية الكرامة ، يا رب ، اكسه كسوة الكرامة ، فيكسى كسوة الكرامة ، يا رب ، ألبسه تاج الكرامة ، يا رب ، ارض عنه ، فليس بعد رضاك شيء "(2) .

ولله در الشاطبي إذ يقول :

وإن كتاب الله أوثق شافع       وأغنى غناء واهبا متفضلا

وخير جليس لا يمل حديثه      وترداده يزداد فيه تجملا

وحيث الفتى يرتاع في ظلماته    من القبر يلقاه سننا متهللا

هنالك يهنيه مقيلا وروضة      ومن أجله في ذروة العز يجتلا


(1) أخرجه أحمد في المسند ( 22441 ) والدارمي ( 3357 ) وفي سنده بشير بن المهاجر ، وثقه ابن معين وغيره ، وتكلم فيه بعضهم ، فهو حسن الحديث ، وقد صححه الشيخ الألباني في الصحيحه ( 6 / 792 ).

(2) أخرجه الترمذي ( 2915 ) وصححه ، والدارمي ( 3311 ) وأبو عبيد في فضائل القرآن ص 83 ، وابن أبي شيبة في مصنفه ( 30047 ) .



بحث عن بحث