فضل كلام الله على سائر الكلام كفضل الله على خلقه(2)

 

 

 ثانيا : معنى الحديث 

إن فضل القرآن العظيم على سائر ما أنزل الله تعالى من الكتب السابقة وما أوحى إلى أنبيائه أجمعين منذ آدم عليه السلام إلى خاتم النبيين صلى الله عليه وسلم هو فضل لا يقدر ولا يقاس .

يوضح ذلك في الحديث الذي معنا قوله صلى الله عليه وسلم (وفضل كلام الله على سائر الكلام ، كفضل الله على خلقه )

وذلك لأن القرآن كلام الله غير مخلوق ، منه بدأ وإليه يعود ، وهو صفة من صفاته تعالى ، وصفاته تعالى كما يليق بكماله وعظمته لا تشبه صفات البشر ، فلذلك كان التقرب إليه بكلامه الذي هو صفة لازمة له من أعظم القربات ، والله أعلم

وما دام القرآن كلام الله تعالى فهو أفضل من كل شيء ، وأعظم من كل شيء ، وأحب إلى الله تعالى من كل شيء ، فإن المشتغل به ــ تلاوة وتدبرا وعملا ــ في دائرة الرضى والقرب من الله تعالى .

فلا أحد يقدر على إحصاء الأفضال العظمى ،والمنن الكبرى التي امتن الله بها على خلقه ، بإنزال هذا الكتاب الذي امتاز على سائر ما أنزل الله عز وجل من الكلام أو مما أوحي به .

فما بالك إذا قيس بسائر الكلام من كلام المخلوقين مما ليس بوحي(1).

قال الإمام الصنعاني في هذا ( فضل القرآن على سائر الكلام ــ من كتب الله وغيرها ــ كفضل الرحمن على سائر خلقه ــ لأنه كلام أشرف الأشياء وأعظمها ، من قصرت العبارات عن وصف علاه ، ورجع كل طرف مخفق خاسئا عن الإحاطة بألفاظ كلامه ومعناه ، فكلامه أشرف الكلام ، ومعانيه أعظم المعاني التي دارت على الأفهام ، وحامله له من الفضل ما ليس لغيره من حافظ كل كلام)(2) .

 

                                                                                                                       



 (1)- انظر : عظمة القرآن الكريم ص 380 ، 381.

 (2) - التنوير شرح الجامع الصغير 7 / 492 .

 



بحث عن بحث