شبه المنكرين لحجية السنة، والرد عليهم (25)

 

 

رابعا : التفتيش عن الرواة ومعرفة أحوالهم دون محاباة أو مجاملة .

واهتموا كذلك برواة الآثار اهتماما جاوز كل وصف ، فنقبوا عن :

ـــ أسمائهم ، وكناهم ،وألقابهم، وأنسابهم.

ـــ وشيوخهم ، وأقرانهم ، وتلاميذهم .

ـــ والمتفق ، والمفترق ، والمؤتلف ، والمختلف ، والمتشابه .

ـــ والأحرار ، والموالي .

ـــ والمواليد ،والوفيات ،والرحلات.

ـــ والصحابة ، والتابعين فمن بعد .

ـــ والثقات ، والضعفاء ، والمجاهيل ، والمتروكين ....وهلم جرا ومن عجب أنهم صنعوا ذلك لا تحاملا ، ولا مجاملة ، وإنما ابتغاء مرضاة الله وطمعا في ثوابه سبحانه ، وخوفا من خصومة رسول الله صلى الله عليه في الآخرة .

فهذا هو زيد بن أبي أنيسة يقول : " لا تأخذوا عن أخي "(1) يعني لضعفه .

وهذا هو علي بن المديني يقول لمن سأله عن أبيه : " سلوا عنه غيري ، فأعادوا المسألة فأطرق ، ثم رفع رأسه ، وقال : هو الدين ، إنه ضعيف "(2) وذلكم هو وكيع بن الجراح الذي كان إذا روى عن والده قرنه بآخر بسبب أن أباه كان على بيت المال(3)

وعن أبي بكر بن خلاد قال : قلت ليحيى بن سعيد القطان :" أما تخشى أن يكون هؤلاء الذين تركت حديثهم خصماءك عند الله تعالى ؟ قال : قال : لأن يكون هؤلاء خصمائي أحب إلي من أن يكون خصمي رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : لم حدثت عني حديثا ترى أنه كذب ؟ "(4).

وقال مكي بن إبراهيم : "كان شعبة يأتي عمران بن حدير ، يقول : يا عمران : تعال حتى نغتاب ساعة في الله عز وجل ، يذكرون مساوئ أصحاب الحديث "(5).

وعن عبد الله بن أحمد بن حنبل قال : " جاء أبو تراب النخشبي إلى أبي ، فجعل أبي يقول : فلان ضعيف ، فلان ثقة ، فال أبو تراب : يا شيخ : لا تغتاب العلماء ، فالتفت أبي إليه ، فقال له : ويحك ، هذا نصيحة ، ليس هذا غيبة "(6)

وهكذا أجهد القوم أنفسهم في البحث والتنقيب عن الرواة وأحوالهم وكل ما يتصل بهم حفظا لدين الله عز وجل ، وصيانة لسنة نبيه صلى الله عليه وسلم .

وقد أثمر ذلك تراثا ضخما في : تاريخ الرواة ، والجرح والتعديل ، يقضي الإنسان عمره ولا يأتي عليه قراءة فضلا عن تدبره وفهمه


(1) انظر : صحيح مسلم ، المقدمة ، باب بيان أن الإسناد من الدين .

(2) انظر : الإعلان بالتوبيخ لمن ذم التاريخ ص488 .

(3) انظر : المصدر السابق .

(4) انظر : الكفاية ، باب وجوب تعريف المزكي ما عنده من حال المسئول عنه ص 90 .

(5) انظر : الكفاية ص 91 .

(6)  المصدر السابق .



بحث عن بحث