القاعدة الواحدة والعشرون

لا تشتغل بحاسديك، وامض في طريقك، وتعوّذ بالله من شرهم

الحسد هو تمني زوال النعمة عن الغير، وهو من أسوأ الخصال الذميمة ولكنه موجود بين كثير من الناس فما من ذي نعمة إلا وهو محسود، والحسد مرض نفسي خطير، لا يخلو أي مجتمع من هذا الداء، ولكن الذي يهمنا هنا ما هو الموقف الصحيح للمحسود؟

يمكن توضيح الموقف الصحيح للمحسود من خلال الخطوات الآتية:

1 – المضي في الطريق والعمل الجاد وعدم الالتفات إلى الحسّاد، فإنهم يريدون زوال النعمة عن إخوانهم، فإذا اشتغلوا بهم، تركوا أعمالهم وأشغالهم، وفشلوا في الحياة، وهذا هو مبتغاهم وأمانيهم، فليقطع الإنسان هذا الطريق عنهم وذلك بعدم الالتفات إليهم والانشغال بهم.

2 – عدم التفكير بهم أو مداراتهم، أو في كيفية إرضائهم أو البحث عن سبب حسدهم وغير ذلك، لأن ذلك إشغال للفكر عن معالي الأمور إلى سفاسفها، وضياع للوقت وإهدار للطاقات، فكان الأفضل عدم الاحتكاك معهم أو التكلم إليهم لأن ذلك ربما يكون مدخلاً له على أخيه.

يقول الشاعر:

إن كلمته فرجت عنه

  وإن خليته كمدًا يموت

3 – إذا طرأت سيرة الحاسدين، أو قيل عنهم كذا وكذا، أو ذكّرت مآسيهم ومعاناتهم، فإن العاقل يترحم لحالهم ويسأل الله لنفسه ولهم بالعافية من هذا الداء الخطير، لأن الحاسد يحس دائمًا بالنقص والاحتقار فيتحول هذا الشعور إلى نقمة على حال إخوانه وما هم فيه من النعم والصحة والعافية وغيرها، وقد تكلم الله تعالى عن حالهم في كتابه المبين بقوله: ﴿ أَمْ يَحْسُدُونَ النَّاسَ عَلَى مَا آتَاهُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ فَقَدْ آتَيْنَا آلَ إِبْرَاهِيمَ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَآتَيْنَاهُمْ مُلْكًا عَظِيمًا .

4 – التعوذ بالله من شر الحسّاد وحسدهم، لتجنب شرّ الحسد وردّه إلى صاحبه، والله تعالى يقول في سورة الفلق: ﴿ قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ الْفَلَقِ ﴿1مِنْ شَرِّ مَا خَلَقَ ﴿2وَمِنْ شَرِّ غَاسِقٍ إِذَا وَقَبَ ﴿3وَمِنْ شَرِّ النَّفَّاثَاتِ فِي الْعُقَدِ﴿4وَمِنْ شَرِّ حَاسِدٍ إِذَا حَسَدَ ﴾ .

ويقول الشاعر:

إن يحسدوني فإني غير لائمهم
فدام لي ولهم ما بي وما بهمُ

  قبلي من الناس أهل الفضل قد حسدوا
ومات أكثرنا غيظًا بما يجد

¡  ¡  ¡

ثم ليعلم الحاسد أنه بحسده على إخوانه يسيء الأدب مع الله تعالى، لأنه بذلك ينقم على قسمة الله تعالى لعباده، وصدق الشاعر حين قال:

ألا قل لمن كان لي حاسدًا
أسأت على الله في فعله

  أتدري على من أسأتَ الأدب
لأنك لم ترض لي ما وهب

¡  ¡  ¡

وهكذا فإن من أهم قواعد بناء المنهجية الصحيحة في الحياة وإيجاد السعادة على الواقع هو عدم الانشغال بالحاسدين والحاقدين والمتربصين، لأن الأرض لن تخلو منهم إلى يوم الدين، فالانشغال بهم انشغال عن معالي الأمور، وانشغال عن البرنامج الحقيقي للإنسان. فدعه يشتغل بحسده مشغلاً نفسه، واشتغل مع ربك في مشاريعك، فيرتد عليه حسده ويعلي ربك شأنك.



بحث عن بحث