القاعدة الأولى

وضوح الهدف

r   مدخـل:

لكل عمل يسعى له الإنسان هدف وغاية يرجو تحقيقها، حتى الحيوان الذي يرعى في البراري، يجوبها ويمشي في سهولها وأوديتها، والطير الذي يسبح في الهواء، والنملة التي تدب على الأرض، الكل يسعى لتحقيق هدف يأمل الوصول إليه، فهؤلاء المذكورون يسعون لتحقيق رزقهم، قال عليه الصلاة والسلام عن الطير: «تغدو خماصًا أي جياعًا وتروح بطانًا أي شبعانة»، فسعيها طول النهار لجلب رزقها ورزق فراخها.

والناس في هذه الحياة تعددت مساعيهم، وأعمالهم، وتعددت أهدافهم وغاياتهم التي يسعون لتحقيقها.

فمنهم من جعل غايته وهدفه جلب المال والرزق، لا يكتفي بالقليل منه، بل يريد المزيد والمكاثرة والمباهاة.

وآخرون جعلوا غايتهم الوصول إلى منصب مرموق في هذه الحياة، أو شهرة، أيًّا كانت نوعية هذه الشهرة عن طريق سليم أو غير سليم.

ومنهم من جعلوا غايتهم الحصول على متع الحياة الدنيا بأشكالها وأنماطها، وكما ينطبق هذا الأمر على الأفراد فهو ينطبق على الأمم والدول والمجتمعات.

والله سبحانه وتعالى جعل الغاية من خلق الجن والإنس محددة معلومة، واضحة بينة، ولم يكتف بذلك فأرسل الرسل لبيانها للناس، وأنزل الكتب لتوضيحها وتبسيطها.

هذه الغاية هي: عبادة الله في أرض الله استجابة لأمره جلَّ وعلا، قال تعالى: ﴿ وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ، وقال سبحانه: ﴿ وَلَقَدْ بَعَثْنَا فِي كُلِّ أُمَّةٍ رَسُولًا أَنِ اُعْبُدُوا اللَّهَ وَاجْتَنِبُوا الطَّاغُوتَ فَمِنْهُمْ مَنْ هَدَى اللَّهُ وَمِنْهُمْ مَنْ حَقَّتْ عَلَيْهِ الضَّلَالَةُ فَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَانْظُرُوا كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الْمُكَذِّبِينَ ﴾.

هذه الغاية: سعى إليها رسول الله صلى الله عليه وسلم وحقّقها ودعا إليها، وجاهد في سبيلها، فصاغ حياته كلها للوصول إليها، جاء في خطبته عليه الصلاة والسلام في حجة الوداع:  «اللهم هل بلغت اللهم هل بلغت». وأنزل الله عليه: ﴿ الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلَامَ دِينًا ﴾.

فالغاية واضحة، ويجب أن تكون كذلك لكل مسلم، حتى يسعى في الدنيا على وضوح، فيعبد الله على بصيرة، ويسير إليه على طريق بيّن المعالم، واضح السبل، فلا تحيد به المراكب يمنة ولا يسرة، قال الله تعالى: ﴿ قُلْ هَذِهِ سَبِيلِي أَدْعُو إِلَى اللَّهِ عَلَى بَصِيرَةٍ أَنَا وَمَنِ اتَّبَعَنِي وَسُبْحَانَ اللَّهِ وَمَا أَنَا مِنَ الْمُشْرِكِينَ.

¡  ¡  ¡

وبهذا فإن هدف التربية النبوية هو إصلاح الإنسان إصلاحًا شاملاً وكاملاً ومتوازنًا، 



بحث عن بحث