r   خامسًا: القصة:

لسرد القصة أثر كبير في تحريك الفكر والمشاعر، لأن في كل حدث من أحداث القصة دروس وعبر يستفاد منها في الحياة، سواء على الصعيد الشرعي للقيام بالواجبات والفروض المكلف بها الإنسان، أو على صعيد التعامل اليومي مع الأهل داخل الأسرة ومع الناس في المجتمع، وقد ذكر النبي صلى الله عليه وسلم قصصًا كثيرة من الأمم السابقة، مثل: قصص الأنبياء والصالحين، وقصص العصاة والمتجبرين.

- فمن بين هذه القصص، قصة الأقرع والأبرص والأعمى.

عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «إن ثلاثة في بني إسرائيل: أبرص وأقرع وأعمى بدا لله عز وجل أن يبتليهم فبعث إليهم ملكا فأتى الأبرص فقال أي شيء أحب إليك قال لون حسن وجلد حسن قد قذرني الناس قال فمسحه فذهب عنه فأعطي لونا حسنا وجلدا حسنا فقال أي المال أحب إليك قال الإبل أو قال البقر هو شك في ذلك إن الأبرص والأقرع قال أحدهما الإبل وقال الآخر البقر فأعطي ناقة عشراء فقال يبارك لك فيها وأتى الأقرع فقال أي شيء أحب إليك قال شعر حسن ويذهب عني هذا قد قذرني الناس قال فمسحه فذهب وأعطي شعرا حسنا قال فأي المال أحب إليك قال البقر قال فأعطاه بقرة حاملا وقال يبارك لك فيها وأتى الأعمى فقال أي شيء أحب إليك قال يرد الله إلي بصري فأبصر به الناس قال فمسحه فرد الله إليه بصره قال فأي المال أحب إليك قال الغنم فأعطاه شاة والدا فأنتج هذان وولد هذا فكان لهذا واد من إبل ولهذا واد من بقر ولهذا واد من غنم ثم إنه أتى الأبرص في صورته وهيئته فقال رجل مسكين تقطعت بي الحبال في سفري فلا بلاغ اليوم إلا بالله ثم بك أسألك بالذي أعطاك اللون الحسن والجلد الحسن والمال بعيرا أتبلغ عليه في سفري فقال له إن الحقوق كثيرة فقال له كأني أعرفك ألم تكن أبرص يقذرك الناس فقيرا فأعطاك الله فقال لقد ورثت لكابر عن كابر فقال إن كنت كاذبا فصيرك الله إلى ما كنت وأتى الأقرع في صورته وهيئته فقال له مثل ما قال لهذا فرد عليه مثل ما رد عليه هذا فقال إن كنت كاذبا فصيرك الله إلى ما كنت وأتى الأعمى في صورته فقال رجل مسكين وابن سبيل وتقطعت بي الحبال في سفري فلا بلاغ اليوم إلا بالله ثم بك أسألك بالذي رد عليك بصرك شاة أتبلغ بها في سفري فقال قد كنت أعمى فرد الله بصري وفقيرا فقد أغناني فخذ ما شئت فوالله لا أجهدك اليوم بشيء أخذته لله فقال أمسك مالك فإنما ابتليتم فقد رضي الله عنك وسخط على صاحبيك».

- وكذلك قصة الرهط الثلاثة الذين آووا إلى الغار، وقصة أصحاب الأخدود، وقصة الذي قتل مئة نفس. وغيرها من القصص التي وردت في الهدي النبوية.

- وقد ذكر الله تعالى الغاية من سرد قصص الأمم وأخبار القرون، لما فيها من الفوائد العظيمة على حاضر الإنسان ومستقبله، يقول الله تعالى: ﴿ لَقَدْ كَانَ فِي قَصَصِهِمْ عِبْرَةٌ لِأُولِي الْأَلْبَابِ مَا كَانَ حَدِيثًا يُفْتَرَى وَلَكِنْ تَصْدِيقَ الَّذِي بَيْنَ يَدَيْهِ وَتَفْصِيلَ كُلِّ شَيْءٍ وَهُدًى وَرَحْمَةً لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ  ﴾ .

- وللقصة أثر كبير في القرب من الله تعالى، وتقوية الإيمان، والصبر والثبات في الشدائد والخطوب، كما جاء في حديث خباب بن الأرت رضي الله عنه حيث قال: أتيت النبي صلى الله عليه وسلم وهو متوسد بردة له في ظل الكعبة - وقد لقينا من المشركين شدة - فقلت : ألا تدعو الله؟ فقعد وهو محمر وجهه فقال: «لقد كان من قبلكم ليمشط بمشاط الحديد ما دون عظامه من لحم أو عصب، ما يصرفه ذلك عن دينه، ويوضع المنشار على مفرق رأسه فيشق باثنين، ما يصرفه ذلك عن دينه، وليتمن الله هذا الأمر حتى يسير الراكب من صنعاء إلى حضرموت ما يخاف إلا الله».



بحث عن بحث