تحرير القول في اجتهاد الرسول صلى الله عليه وسلم (5)

يقول الدكتور موسى شاهين:

نعم نقول : إن الرسول صلى الله عليه وسلم أذن له بالاجتهاد واجتهد .

ونعم نقول : إن بعض اجتهاداته لم تصادف الصواب، لكن أين حكم الله تعالى فى الأمر الذى اجتهد فيه رسول الله صلى الله عليه وسلم ولم يصب؟

إن ما يصدر عن النبى صلى الله عليه وسلم من اجتهاد إما أن يوافق حكم الله أو لا، فإن وافق حكم الله فهو حكم الله على لسان نبيه صلى الله عليه وسلم، وإن لم يوافق حكم الله عدَّله إلى حكمه جل شأنه، وإذن تصبح الأحكام الدينية التى حكم بها رسول الله صلى الله عليه وسلم أحكام الله فى النهاية، وقبل لقائه الرفيق الأعلى(1)، وتصير تلك الأحكام حجة إجماعاً بلا شك.

أما ما ذهب إليه بعض علمائنا الأجلاء من تقسيم السنة النبوية إلى قسمين : سنة تشريعية ملزمة عامة ودائمة، وسنة غير تشريعية ولا ملزمة .

فيقول رداً على ذلك فضيلة الأستاذ الدكتور موسى شاهين : ( غفر الله للقائلين بأن السنة تشريع وغير تشريع، وللقائلين بالمصلحة . غفر الله لهم وسامحهم، لقد فتح هؤلاء وهؤلاء باباً لم يخطر لهم على بال .

 القائلون بأن السنة تشريع وغير تشريع قصدوا بغير التشريع ما ورد منها خاصاً بالصناعات، والخبرات كالزراعة والطب، ولم يخطر ببالهم أن من سيأتى بعدهم سيستدل بتقسيمهم ليدخل المعاملات، وأحاديث البيع، والشراء، والإجارة، ويدخل ما قاله النبى صلى الله عليه وسلم من أحاديث فى العادات، وشئون الاقتصاد، والسياسة، والإدارة، والحرب، وغير ذلك فى السنة غير التشريعية، وهم من هذا القول برءاء .


(1) السنة والتشريع للدكتور موسى لاشين ص 18-20 بتصرف وانظر : تاريخ المذاهب الإسلامية للعلامة محمد أبو زهرة ص 239 - 240 وانظر مناهل العرفان فى علوم القرآن للشيخ الزرقانى 2/418-425. ويقول الإمام الشاطبى : "فاعلم أن النبى صلى الله عليه وسلم مؤيد بالعصمة، معضود بالمعجزة الدالة على صدق ما قال وصحه ما بين، وأنت ترى الاجتهاد الصادر منه معصوماً بلا خلاف، إما بأنه لا يخطئ ألبته، وإما بأنه لا يقر على خطأ إن فرض، فما ظنك بغير ذلك؟ انظر : الموافقات 2/458 وراجع من نفس المصدر ص404.ـ



بحث عن بحث