أقسام السنة من حيث علاقتها بالقرآن(3)
بقية صور بيان السنة للقرآن:
الصورة الثالثة : تقيد المطلق (1)، على معنى أن تكون في القرآن آيات مطلقة فتأتي السنة مقيدة هذا الإطلاق ، ومن أمثلة ذلك :
1ـ قول الله عز وجل : ((وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ فَاقْطَعُواْ أَيْدِيَهُمَا جَزَاء بِمَا كَسَبَا نَكَالاً مِّنَ اللّهِ وَاللّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ))[ سورة المائدة /38 ] .
فإن قطع اليد في الآية لم يقيد بموضع خاص ، وعليه فيجوز القطع إلى المفصل ، أو إلى المرفق ، أو المنكب لإطلاق اليد على كل ذلك ، ولكن السنة جاءت فقيدت القطع بأن يكون إلى الرسغ أو إلى المفصل ـ أي مفصل الكوع .
عن ابن عمر : أن النبي صلى الله عليه وسلم وأبا بكر وعمر وعثمان كانوا يقطعون السارق من مفصل (2) .
وفي البيهقي عن عمر : أنه كان يقطع السارق من المفصل (3) .
2ـ قول الله عز وجل : (كُتِبَ عَلَيْكُمْ إِذَا حَضَرَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ إِن تَرَكَ خَيْراً الْوَصِيَّةُ لِلْوَالِدَيْنِ وَالأقْرَبِينَ بِالْمَعْرُوفِ حَقّاً عَلَى الْمُتَّقِينَ) [ سورة البقرة / 180 ] .
وقوله في آية النساء : ((مِن بَعْدِ وَصِيَّةٍ يُوصِي بِهَا أَوْ دَيْنٍ))[ سورة النساء / 11 ]
فالوصية هنا مطلقة لا يقيدها قيد ، فجاءت السنة فقيدتها بما لا يزيد عن الثلث ، حيث قال النبي صلى الله عليه وسلم لسعد بن أبي وقاص عندما أراد أن يوصى بالكثير من ماله : " الثلث والثلث كثير " (4) .
(1) المطلق هو : لفظ يدل على شائع في جنسه ، والمقيد هو : لفظ يدل لا على شائع في جنسه ، انظر أحكام الأحكام 3 / 5 ، إرشاد الفحول صـ164 .
(2) الحديث أخرجه أبو الشيخ في كتاب الحدود من طرق عن ابن عمر انظر : تلخيص الحبير لابن حجر 4 / 71 .
(3) السنن الكبرى للبيهقي ، كتاب السرقة ، باب السارق يسرق أولا فتقطع يده اليمنى من مفصل الكف 8 / 270 ، 271 .
(4) الحديث أخرجه البخاري في الصحيح ، كتاب الوصايا ، باب الوصية بالثلث ، رقم ( 2742 ) ، ومسلم في الصحيح ، كتاب الوصية ، باب الوصية بالثلث ، رقم ( 4209 ) .