الخلاف سنة ربانية:

الخلاف بين البشر سنة ربانية لأن الله تعالى قد خلق الناس مختلفين في ألوانهم وأشكالهم ومعارفهم وقدراتهم ومهاراتهم، وكلها آيات منه جل وعلا: ﴿ وَمِنْ آيَاتِهِ خَلْقُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَاخْتِلَافُ أَلْسِنَتِكُمْ وَأَلْوَانِكُمْ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِلْعَالِمِينَ ﴾ [الروم : ﴾]، ويقول تعالى: ﴿ لِكُلٍّ جَعَلْنَا مِنْكُمْ شِرْعَةً وَمِنْهَاجًا وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ لَجَعَلَكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً وَلَكِنْ لِيَبْلُوَكُمْ فِي مَا آتَاكُمْ فَاسْتَبِقُوا الْخَيْرَاتِ إِلَى اللَّهِ مَرْجِعُكُمْ جَمِيعًا فَيُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنْتُمْ فِيهِ تَخْتَلِفُونَ﴾ [المائدة: 48].

إن البشر خلقوا مختلفين، فكل إنسان له شخصيته المستقلة، وتفكيره المتميز، وطابعه المتفرد، يبدو ذلك في مظهره المادي، كما في مخبره المعنوي، فكما ينفرد كل إنسان بصورة وجهه، ونبرة صوته، وبصمة بنانه، ينفرد كذلك بلون تفكيره وميوله وذوقه، ونظرته إلى الأشياء والأشخاص والمواقف والأعمال.

وهذا الاختلاف في صفات البشر، واتجاهاتهم النفسية، يترتب عليه – لا محالة – اختلافهم في الحكم على الأشياء، والمواقف والأعمال، يظهر ذلك في مجال الفقه وفي مجال السياسة وفي مجالات السلوك اليومي والعادي للناس، وهو ما عبر عنه القرآن الكريم في قول الله تعالى: ﴿ وَلَوْ شَاءَ رَبُّكَ لَجَعَلَ النَّاسَ أُمَّةً وَاحِدَةً وَلَا يَزَالُونَ مُخْتَلِفِينَ ﴾ [هود 118-119].

فالآية تقرر أن الاختلاف واقع بمشيئة الله الكونية لا راد لها، وما شاء الله كان، كما هو بمشيئة الإنسان الإرادية وعليه فيكون منه ما هو مذموم، ومنه ما هو مقبول.



بحث عن بحث