من مجالات التجديد: التجديد في الوسائل

إن الدين ثابت لا يتغير بتغير الأزمنة والأمكنة والأحوال، والنصوص الإلهية محفوظة بحفظ الله ورعايته، لا يطرأ عليه التغيير والتبديل، وإن حاول أحد النيل من هذا الدين الحنيف فسيقيِّض الله من يكشف عن هذا الزيغ والضلال، كما قام جهابذة العلماء قديمًا وحديثًا فأزاحوا عنه الباطل, وبينوا الصواب من الخطأ، وميزوا الخبيث من الطيب، وهذا هو التجديد الذي بشر به نبينا محمد  صلى الله عليه وسلم  ، فاتضح مما سبق أن التجديد لا يكون في مبادئ الدين وأسسه، بل في الوسائل والطرق التي يكشف بها عن الحقيقة؛ وقد استعمل العلماء في القديم الوسائل المتاحة لهم، وفي زمننا قد منّ الله علينا بابتكارات علمية جديدة، وتقنيات هائلة عديدة, يمكن استعمالها في الدعوة ونشر الدين إلى جميع آفاق الكون، فاستعمال هذه التقنيات والابتكارات في المجال الدعوي يعتبر من التجديد، ولذا سنركز في هذه الوقفة على الكلام عن التجديد في وسائل الدعوة، حيث إن استعمال هذه الوسائل في الدعوة والتوجيه -مع عدم إغفال الجوانب الأخرى- يعتبر من التجديد.

وقبل التفصيل نود أن ننبه هنا إلى قاعدة هامة في الدعوة وغيرها، وهي: أن الغاية لا تبرر الوسيلة, فلا تبلغ دعوة الله بوسائل محرمة, أو غير شرعية؛ كالغناء المحرم, أو التجريح والغيبة. فنرى كثيرًا من الفِرَق الإسلامية, والحركات الدينية, قد ضلّوا السبيل, وجانبوا الطريق القويم, وانحرفوا عن جادة الصواب, بسبب تطرقهم إلى وسائل غير مشروعة, وأوضح مثال على ذلك بعض طرق الصوفية, فقد اختاروا الوسائل المحرمة كالغناء والرقص وغيرها, فلعب الشيطان بعقولهم, فضلّوا وأضلّوا الناس عن الدين الحق، وهم يحسبون أنهم يحسنون صنعًا, والله المستعان!

من التجديد: اتخاذ الوسائل المناسبة والأساليب المفيدة في الدعوة:

الوسيلة: القربة, توسل إليه: تقرب إليه, وهي التي يتوصل بها إلى تحصيل المقصود, وفي المجال الدعوي؛ هي الطريقة التي توصل بها الدعوة, أو هي ما يستعين بها الداعي على تبليغ الدعوة إلى الله على نحو نافع مثمر.

والأسلوب: عرض ما يراد عرضه من أفكار ومعاني وقضايا.

فالرسول  صلى الله عليه وسلم  قام بالدعوة إلى الإسلام بالوسائل المختلفة, والأساليب المتنوعة, فيجب على الداعية اتخاذ هذه الوسائل المفيدة, والسير على تلك القواعد الدعوية المهمة, التي سار عليها النبي  صلى الله عليه وسلم  , لكي تؤتي ثمارها. ويقيس ما جدّ منها عليها.



بحث عن بحث