مراتب تغيير المنكر:

المنكر الذي يجب أن تتظافر الجهود لإزالته وتغييره له ثلاث مراتب بينها النبي  صلى الله عليه وسلم  بقوله: «مَنْ رَأَى مِنْكُمْ مُنْكَرًا فَلْيُغَيِّرْهُ بِيَدِهِ، فَإِنْ لَمْ يَسْتَطِعْ فَبِلِسَانِهِ، فَإِنْ لَمْ يَسْتَطِعْ فَبِقَلْبِهِ، وَذَلِكَ أَضْعَفُ الْإِيمَانِ»(

المرتبة أعلى درجات مراتب التغيير.

ويرد السؤال: متى يُلجأ إليها؟ والجواب إذا احتيج إليها، بمعنى أنها ليست أولى المراتب، فيبدأ بها، ولكنها أعلا المراتب إذا تطلب الأمر فتنبه.

المرتبة الثانية:

التغيير باللسان، لمن لا يملك سلطة التغيير باليد، ويكون ذلك بالإرشاد والتوجيه والوعظ عن طريق التخويف بالله تبارك وتعالى والتحذير من مغبة إتيان هذا المنكر أو الإصرار عليه، ومع ذلك له ضوابط مهمة، ومنها:

1- التدرج في هذا الإنكار فتستخدم من الألفاظ والعبارات مما يظن أنه يحقق النتيجة، فيبدأ بالكلمة الرقيقة الودود، واستعمال صيغ العموم دون ذكر اسم صاحب المنكر إتباعًا للسنة، وأنفع للعلاج، وما يدفع بالأدنى لا يلجأ فيه إلى الأعلى والأشد، وقد يكون الإسرار بالإنكار أولى من الإشهار.

2- أن يبتعد الناهي عن المنكر عن ذكر الأسماء والأشخاص والهيئات، لأن التسمية والتخصيص قد يتعرض معهما الناهي للعقوبات والجزاءات ولا تؤدي الغرض المطلوب.

3- هنالك منكرات في المجتمع ثبت منكرها عند الناس جميعًا، والنهي عنها مقبول لدى المجتمع، وذلك مثل الزنا والخمر والمخدرات والخلوة، فمثل هذه المنكرات ينادى بالإنكار على مستوى المجتمع خطبًا ومحاضرات وكتابات وغيرها.

4- إن جمع الإحصائيات والبيانات والأخبار والتقارير حول بعض المنكرات تجعل الحجة في المقاومة أقوى وأوسع، وهي مما تمس الحاجة إليه في هذا الوقت الذي تقام فيه البحوث على هذه الإحصاءات.

5- إن التحري الدقيق لصدق المعلومات أساس في إصابة الهدف، والمبالغة والكذب يحرمان الداعية من صلابة الموقف وصدق الدعوة، ومن ثم أهمية النتيجة وحسنها(

المرتبة الثالثة:

التغيير بالقلب، وقد جعله النبي  صلى الله عليه وسلم  رتبة معتبرة، ومن لم ينكر المنكر بقلبه فليس في قلبه شيء من الإيمان، إذ أن إنكار المنكر بالقلب هو القاعدة الأساس، وهذه القاعدة مشتركة بين جميع المراتب، فمن أنكر بيده فلابد أن يكون منكرًا بقلبه، من أنكر بلسانه فلابد أن يكون منكرًا بقلبه أيضًا، والإنكار بالقلب معناه مقت المنكر وكرهه والاشمئزاز منه، ومن كره شيئًا وعاداه بقلبه فلابد أن تتحول هذه الكراهية إلى عمل إيجابي يظهر في كلماته وحركاته وسكناته، فالعاطفة المتأججة هي مصدر الحركة والفعل، وهذه الرتبة رتبة عامة يقدر عليها كل مسلم في كل زمان ومكان، وشرطها عدم الرضا والشعور بالسخط على المنكر وأهل المنكر. وأدنى درجات هذه الرتبة اعتزال المنكر والابتعاد عنه.

([1]) قواعد الدعوة إلى الله تعالى، ص: (153-154).

([1]) سبق تخريجه.



بحث عن بحث