أمثلة حية للاستقامة (3-11)

2-أم المؤمنين خديجة:

عن عبد الله بن عمرو: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «الدنيا متاع، وخير متاع الدنيا المرأة الصالحة«(1)

وأم المؤمنين خديجة  كانت مثالاً حيًّا للمرأة الصالحة التي إذا رآها زوجها سرّته، وإذا أمرها أطاعته، وهي خير مثال للنساء في تقوية قلب الزوج، وتثبيته على الحق، ومواساته بالمال والنفس، ومساعدته في أمور الدعوة والتبليغ، فهي ل التي طمأنت قلب رسول الله صلى الله عليه وسلم عند بدء الوحي، لما جاء يرجف فؤاده وقال: «لقد خشيت على نفسي»، وأخبرها عن الوحي، فقالت: «كلا. أَبْشِر فوالله لا يخزيك الله أبداً، فوالله إنك لتصل الرحم، وتَصْدُقُ الحديث، وتحمل الكَلَّ، ويكْسِبُ المَعْدُوم، وتَقْرِي الضيف، وتعين على نوائب الحق». ثم انطَلَقَت به حتى أتت به ورقة بن نوفل -وهو ابن عم خديجة أخي أبيها- وكان امرأً تنصَّر في الجاهلية... فقالت خديجة: «يا ابن عم! اسمع من ابن أخيك». قال ورقة: يا ابن أخي، ماذا ترى؟ فأخبره النبي صلى الله عليه وسلم خبر ما رأى، فقال ورقة: «هذا الناموس الذي أُنْزِل على موسى«

ولما تفرغ رسول الله صلى الله عليه وسلم للدعوة إلى الله واسته خديجة ل بمالها، وأغنته عن همّ كسب المعيشة؛ فعن عائشة قالت: كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا ذكر خديجة أثنى عليها فأحسن الثناء، قالت: فغرت يوماً فقلت: ما أكثر ما تذكرها حمراء الشِّدْقِ، قد أبدلك الله ﻷ بها خيرًا منها. قال: «ما أبدلني الله ﻷ خيراً منها، قد آمنت بي إذ كفر بي الناس، وصدَّقتني إذ كذبني الناس، وواستني بمالها إذ حرمني الناس، ورزقني الله عز وجل ولدها إذ حرمني أولاد النساء«(2)

فكانت ل قدوة لنساء هذه الأمة في المسارعة إلى الخيرات، وتثبيت أزواجهن على الحق والهدى، ومساعدة أزواجهن في أمور الدعوة والإصلاح والتبليغ.

فعلى المرأة المسلمة أن تقتدي بها وبأمهات المؤمنين الأخريات، ونساء الصحابة أجمعين في جميع أمورهن، والقيام بمسؤولياتهن مع أنفسهن وتجاه بيوتهن وأولادهن ومجتمعهن وأمتهن؛ فهن المدارس الحقيقية، والمحاضن الصالحة؛ فهل تعي من تريد أن تكون قدوة كذلك؟!

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(1) رواه مسلم في الرضاع، باب خير متاع الدنيا المرأة الصالحة (1467).

(2) رواه أحمد في (باقي مسند الأنصار) (24343).



بحث عن بحث