الوقفة الخامسة

أن من عرف الله في حال شبابه عرفه ربه جل وعلا في حال هرمه وضعفه، ومن عرف الله في حال صحته عرفه الله في حال مرضه، ومن عرف الله في حال قوته ونشاطه عرفه الله تعالى في حال ضعفه، ومن عرف الله تعالى في حال صغره عرفه الله في حال كبره، ومن عرف الله في الدنيا عرفه الله في الآخرة، ومن عرف الله حال رخائه عرفه الله في حال الشدة.

يقول الضحاك بن قيس :: «اذكر الله في الرخاء يذكرك في الشدة، إن يونس -عليه الصلاة والسلام- كان يذكر الله تعالى، فلما وقع في بطن الحوت قال الله تعالى: ﴿فَلَوْلَا أَنَّهُ كَانَ مِنَ الْمُسَبِّحِينَ ﴿143لَلَبِثَ فِي بَطْنِهِ إِلَى يَوْمِ يُبْعَثُونَ([2])»([4]).

فانظر أخي المسلم إلى حال هؤلاء الثلاثة الذين عرفوا الله سبحانه وتعالى في رخائهم فعرفهم وقت الشدة، ولم ينفعهم إلا توسلهم إلى الله تعالى بأعمالهم الصالحة.

فدعوة أوجهها إليك أخي المسلم إلى مراقبة الله تعالى في حال الشباب والصحة والقوة والنعمة والرخاء والأمن والطمأنينة، دعوة أوجهها إليك لتلجأ إلى الله تعالى بدعوات صالحة بأن يغير من حالك إلى الأصلح والأمثل، فإن حال الصحة والقوة والشباب لا يلبث إلا وأن يتغير ما دام الليل والنهار سائرين، وهذه سنة الله تعالى في الكون والعباد.. كل ذلك ليعرفك ربك حال ضعفك ومرضك وكبرك، وحال موتك وبعد موتك.


([2]) سورة يونس،الآية: (91).

([4]) رواه البخاري في كتاب الأدب،باب إجابة دعاء منبرَ والديه (4/ 1892) رقم الباب: (5) رقم الحديث: (5974).



بحث عن بحث