حكم السحر

أ– بالنسبة للساحر، فيقول تبارك وتعالى: {وَاتَّبَعُوا مَا تَتْلُو الشَّيَاطِينُ عَلَىٰ مُلْكِ سُلَيْمَانَ ۖ وَمَا كَفَرَ سُلَيْمَانُ وَلَٰكِنَّ الشَّيَاطِينَ كَفَرُوا يُعَلِّمُونَ النَّاسَ السِّحْرَ وَمَا أُنزِلَ عَلَى الْمَلَكَيْنِ بِبَابِلَ هَارُوتَ وَمَارُوتَ ۚ وَمَا يُعَلِّمَانِ مِنْ أَحَدٍ حَتَّىٰ يَقُولَا إِنَّمَا نَحْنُ فِتْنَةٌ فَلَا تَكْفُرْ ۖ فَيَتَعَلَّمُونَ مِنْهُمَا مَا يُفَرِّقُونَ بِهِ بَيْنَ الْمَرْءِ وَزَوْجِهِ ۚ وَمَا هُم بِضَارِّينَ بِهِ مِنْ أَحَدٍ إِلَّا بِإِذْنِ اللَّهِ ۚ وَيَتَعَلَّمُونَ مَا يَضُرُّهُمْ وَلَا يَنفَعُهُمْ ۚ وَلَقَدْ عَلِمُوا لَمَنِ اشْتَرَاهُ مَا لَهُ فِي الْآخِرَةِ مِنْ خَلَاقٍ ۚ وَلَبِئْسَ مَا شَرَوْا بِهِ أَنفُسَهُمْ ۚ لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ}(1).

قال القرطبي: فأثبت كفرهم بتعليم السحر(2).

فالآية تدل بوضوح وصراحة على كفر السحر وطرفيه القائمين به من الشياطين والسحرة، ولا يحتاج الأمر إلى تأويلات أخرى بالنسبة إلى هذا الحكم.

إلا أن بعض العلماء فرّقوا بين سحر وآخر، أو بين ساحر وآخر، فمن ثبت عليه السحر الذي يُفرق به بين المرء وزوجه أو التقرب إلى الكواكب والجن والإساءة إلى كتاب الله تعالى وغيرها، فإن ذلك كفر بحكم هذه الآية.

وأما إذا خلا الأمر من هذه الأفعال والتصورات فإن حكم السحر يكون كبيرة من الكبائر وإثمًا عظيمًا ولكنه لا يصل درجة الكفر، لقوله ﷺ: «اجتنبوا السبع الموبقات» قالوا: يا رسول الله، وما هنّ؟ قال: «الشرك بالله، والسحر، وقتل النفس التي حرّم الله إلا بالحق، وأكل الربا، وأكل مال اليتيم، والتولي يوم الزحف، وقذف المحصنات المؤمنات«(3).

ب – أما بالنسبة لمن يأتي الساحر فهو على حالين:

- لا تقبل له صلاة أربعين يومًا، لقوله ﷺ: «من أتى عرّافًا فسأله عن شيء لم تُقبل له صلاة أربعين ليلة«(4).

وهذا الحديث الأول يخصّ أولئك الناس الذين يذهبون إلى السحرة والكهنة ليروا أعمالهم وما يفعلون أو كيف يخاطبون الجن وغيرهم، ولكنهم لا يصدقونهم، وهذا الفعل منهم يبطل صلاتهم أربعين يومًا.

- الكفر الخارج عن الملة، لقوله ﷺ: «من أتى عرّافًا أو كاهنًا فصدقه بما يقول، فقد كفر بما أنزل على محمد ﷺ«.

وهذا الحديث يدل على كفر من يذهب إلى السحرة والكهنة والعرافين، لقضاء حوائجهم وطلب العون والنصرة منهم، وإخراجهم مما هم فيه من المرض أو الفقر أو فقدان غائب أو سرقة مال، أو ماذا سيحدث لهم في المستقبل من زواج أو ولادة أو سفر، أو الأحوال التي سيمرون بها من عسر أو يسر. ذلك لأنهم يرجون الغيب من غير عند الله، أو أن يعملوا أعمالاً كفرية بتوجيه من الساحر، يقول الله تعالى: {وَعِندَهُ مَفَاتِحُ الْغَيْبِ لَا يَعْلَمُهَا إِلَّا هُوَ ۚ وَيَعْلَمُ مَا فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ ۚ وَمَا تَسْقُطُ مِن وَرَقَةٍ إِلَّا يَعْلَمُهَا وَلَا حَبَّةٍ فِي ظُلُمَاتِ الْأَرْضِ وَلَا رَطْبٍ وَلَا يَابِسٍ إِلَّا فِي كِتَابٍ مُّبِينٍ}(5).

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(1) [البقرة: 102]

(2) تفسير القرطبي (الجامع لأحكام القرآن)، (2/43).

(3) أخرجه البخاري (ص458، رقم2766) كتاب الوصايا، باب قول الله تعالى: ﴿إِنَّ الَّذِينَ يَأْكُلُونَ أَمْوَالَ الْيَتَامَىٰ ظُلْمًا﴾ [النساء:10]. ومسلم (ص53، رقم89) كتاب الإيمان، باب الكبائر وأكبرها.

(4) أخرجه مسلم (ص990، رقم5821) كتاب السلام، باب تحريم الكهانة.

(5) [الأنعام: 59]



بحث عن بحث