أنوع السحر (1-2)

للسحر أنواع متعددة ومختلفة، وكلها تتوجه نحو الإفساد العقدي والاجتماعي، ومن أهم هذه الأنواع:

أولاً: سحر التنجيم:

وهو الاستدلال بالنجوم والأفلاك للإخبار عن بعض الوقائع والحوادث التي ستقع للإنسان أو للأرض، كمن يقول إذا طلع النجم الفلاني سيحدث كارثة أو دمار، وإذا النجم الفلاني فإن فلانًا من الناس سيموت أو سيمرض، وإذا طلع الكوكب الفلاني فإن فلانًا من الناس سيصبح غنيًا وفلانًا سيخسر ويصبح فقيرًا، وهكذا.

وهذا النوع من السحر فيه ادعاء للغيب الذي هو من شأن الله تعالى وحده، ويسمى سحر التنجيم، وقد نهى عنه الرسول ﷺ بقوله: «من اقتبس علمًا من النجوم فقد اقتبس شعبة من السحر»(1).

*     *     *

وتجدر الإشارة هنا إلى أن علم الفلك يختلف عن التنجيم كليًا، لأنه علم يعتمد على الحسابات والسنن الكونية التي خلقها الله تعالى لمعرفة الأيام والشهور والسنين، ومعرفة أوقات العبادات من الصلاة والصيام والحج وغيرها، وقد أشار الله تعالى إلى جواز ذلك والاعتماد على بعض الكواكب والنجوم لمعرفة الحسابات الزمنية بقوله: {وَهُوَ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ النُّجُومَ لِتَهْتَدُوا بِهَا فِي ظُلُمَاتِ الْبَرِّ وَالْبَحْرِ ۗ قَدْ فَصَّلْنَا الْآيَاتِ لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ}(2).

*     *     *

وقد ذكر الله تعالى إضافة إلى ذلك أسبابًا أخرى من خلق النجوم والكواكب، وهي الزينة التي تتألق بها السماء، وكذلك حفظًا لهذه السموات من الشياطين التي تسترق علوم الأرض ورجمهم بشهبها ونارها، قال تعالى: {وَلَقَدْ جَعَلْنَا فِي السَّمَاءِ بُرُوجًا وَزَيَّنَّاهَا لِلنَّاظِرِينَ . وَحَفِظْنَاهَا مِن كُلِّ شَيْطَانٍ رَّجِيمٍ . إِلَّا مَنِ اسْتَرَقَ السَّمْعَ فَأَتْبَعَهُ شِهَابٌ مُّبِينٌ}(3) وقال جل جلاله: {إِنَّا زَيَّنَّا السَّمَاءَ الدُّنْيَا بِزِينَةٍ الْكَوَاكِبِ . وَحِفْظًا مِّن كُلِّ شَيْطَانٍ مَّارِدٍ}(4).

ثانيًا: سحر النفث في العقد:

حيث يعمل السحر عن طريق العقد في الخيوط وقراءة أسماء الشياطين عليها والنفث فيها، هذا النوع كفر صريح، وجاء ذكر هذا النوع في القرآن حيث أمر الله تعالى المؤمنين بالاستعاذة بالله منه لعظم ذنبه وخطره، فقال في سورة الفلق: {قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ الْفَلَقِ . مِن شَرِّ مَا خَلَقَ . وَمِن شَرِّ غَاسِقٍ إِذَا وَقَبَ . وَمِن شَرِّ النَّفَّاثَاتِ فِي الْعُقَدِ}(5).

ثالثًا: سحر التخييلات:

وهو خداع أعين الناس وتوهيمها بحركات سريعة فيرون الأشياء على غير حقيقتها، وكثيرًا ما تكون أفعالهم خارقة للعادة، فيتولد لدى الناظر إحساس بأن هذا الساحر عنده قدرات عظيمة يستطيع أن يتحكم بها على الأشياء ويغيّر من الثوابت والمألوفات، وبالتالي يترهب منه الناس ويخشون أن يصيبهم ببعض الأذى أو الضرر من خلال هذه القدرات الخارقة، وكان هذا شأن سحرة فرعون الذين تحدّث عنهم القرآن الكريم، قال تعالى: {قَالَ أَلْقُوا ۖ فَلَمَّا أَلْقَوْا سَحَرُوا أَعْيُنَ النَّاسِ وَاسْتَرْهَبُوهُمْ وَجَاءُوا بِسِحْرٍ عَظِيمٍ}(6)، وقال جل وعلا في موضع آخر: {قَالَ بَلْ أَلْقُوا ۖ فَإِذَا حِبَالُهُمْ وَعِصِيُّهُمْ يُخَيَّلُ إِلَيْهِ مِن سِحْرِهِمْ أَنَّهَا تَسْعَىٰ}(7)، فلم تكن هناك ثعبان تسعى وتسير على الأرض، وإنما كانت حبالاً وعصيًا، ولكنهم بخداعهم لأعين الناس وما كانت لديهم من خبرة وقوة في التحكم بالسرعة والحركة، تخيّل للناس أنها ثعبان تسعى.

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(1) أخرجه أبوداود (ص555، رقم 3907) كتاب الطب، باب في تعلم النجوم. وهو حديث حسن.

(2) [الأنعام: 97]

(3) [الحجر: 16-18]

(4) [الصافات: 6-7]

(5) [الفلق: 1-4]

(6) [الأعراف: 116]

(7) [طه: 66]



بحث عن بحث