النظر إلى المستقبل

عن أبي هُريرَةَ رضِيَ الله عنْهُ قال: قال رسول الله ﷺ: «لا عَدْوَى وَلاْ طِيَرَةَ وأُحِبُّ الفَأْلَ الصَّالِح»(1).

عنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ عَنِ النَّبِيِّ ﷺ قَال:َ «لا عَدْوَى وَلا طِيَرَةَ وَيُعْجِبُنِي الْفَأْلُ» قالوا: وَمَا الْفَأْل؟ُ قَالَ: «كَلِمةٌ طيِّبَةٌ»(2).

هذا حديثان يمثلان منهجًا متميزًا في النظر إلى المستقبل، سواء في النظرة الإيجابية أو النظرة السلبية، وكما هي في المصطلح الشرعي التفاؤل والتشاؤم، وهما مما نتناوله تفصيلاً في هذا المبحث.

مفهوم التفاؤل والتشاؤم:

أولاً: التفــاؤل:

الفأل ضد الطيرة، والجمع فؤول، قال ابن الأثير: يقال تفاءلت بكذا وتفألت، على التخفيف والقلب، قال: وقد أولع الناس بترك همزه تخفيفاً. والفأل: أن يكون الرجل مريضاً فيسمع آخر يقول: يا سالم، أو يكون طالب ضالة فيسمع آخر يقول: يا واجد، فيقول تفاءلت بكذا، ويتوجه له في ظنه كما سمع أنه يبرأ من مرضه أو يجد ضالته(3).

وبهذا يمكن تعريف التفاؤل: بأنه كل ما ينشط الإنسان ويريحه على شيء محمود من قول أو فعل مرئي أو مسموع.

مثل:  أن يكون الرجل مريضًا فيقول له آخر: يا سالم، أو يكون فقيرًا فيقول له آخر: يا غني، أو أن يرى حديقة، أو يسمع خبرًا سارًّا، أو يرى رجلاً اسمه محمد أو محمود وهو يعمل عملاً معينًا.

ثانيًا: التشاؤم:

الشأم والشؤم ضد اليمن، ويقال: رجل مشؤوم على قومه، والجمع مشائيم. وقيل: شؤم الدار ضيقها، وشؤم المرأة أن لا تلد، وشؤم الفرس أن لا ينزى عليها. ويقال: شأم فلان على قومه أي أصابهم شؤم من قبله(4).

وبذلك يمكن تعريف التشاؤم: بأنه ضد التفاؤل، وهو الاعتقاد بأن وجود شيء معين سبب في وجود ضرر أو حزن أو هم، سواء أكان هذا الشيء مرئياً أم مسموعاً. كأن يعزم على مشروع معين فيقول أحدهم: أنت خسران فيتوقف عن المضي قدماً نحو هدفه، أو يريدُ السفر،  فيرى الجوَّ معكراً فيتراجعُ تشاؤماً منهُ بحلولِ مصيبةٍ إذا أقدمَ على السفر وهكذا.

الزجر والطير والكهان كلهم           مضللون ودون الغيب أقفـال

ومثل التشاؤم: التطير، نسبة إلى ما كان يفعله أهل الجاهلية من التطير ببعض الطيور، كالبوم، وسواء كان ذلك بطير، أو حيوان، أو بعض الأيام، أو الشهور، أو السنوات، أو الأحوال.

والتطير مثله مثل التشاؤم، وأصله في الجاهلية: أن أحدهم إذا أراد أمرًا يأتي بطير فيهيجه فإذا طار لليمين، استبشر وعزم، وإذا طار لجهة الشمال، تراجع عن الفعل الذي كان يريده، كالسفر أو الزواج أو التجارة وغيرها. ولم ينحصر التطير في الطيور وحدها، بل تعداها إلى بعض الأيام أو الشهور أو السنوات أو الأحوال.

وقد نهى عليه الصلاة والسلام عن التطير بقوله: «لا عَدْوَى وَلا طِيَرَةَ».

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(1) أخرجه البخاري (ص1016، رقم 5756) كتاب المرضى، باب الفأل. ومسلم (ص987، رقم 2223) كتاب السلام، باب الطيرة والفأل.

(2) المرجع السابق.

(3) لسان العرب 10 / 167-168.

(4) لسان العرب ج 7 / ص 7.



بحث عن بحث