ثمرات العلم الشرعي وآثاره (2-2)

10- العلم الشرعي والعمل به يقضي على الجهل في المجتمع، ويزيل من الأذهان الخرافة والأسطورة، لأن هذا العلم لا يقبل إلا ما هو ثابت وفق الضوابط المحكمة التي وضعها العلماء لأخذ أية معلومة أو رفضها.

11- الذكر الحسن بين الناس، فلا يموت عالم عامل بعلمه إلا ويترحم عليه الناس جميعًا، ويأخذون بعلمه بعد مماته، ويستشهدون بكلامه وأفعاله، ولعل من الوفاء الإشارة إلى سماحة الشيخ عبدالعزيز بن باز رحمه الله تعالى، الذي أصبح مضرب المثل في العلم والعمل، حتى بعد مماته، فلا يخلو الكلام في مسألة شرعية أو البحث عن حكم شرعي إلا ويُستشهد بكلام الشيخ رحمه الله، الأمر الذي يزيد من حسناته وأجره من كثرة دعاء الناس له.

12- الراحة النفسية للعالم الذي عرف الله تعالى، وعرف شرعه، وعرف حقيقة الحياة والكون والإنسان، وأن مآل هذا الكون كله إلى الله تعالى، وأن الحياة الدنيا إنما هي معبر للوصول إلى الدار الأبدية، وأن كل ما يجده الإنسان في هذه الحياة إنما هو اختبار وابتلاء، حيث يجزى عليه الإنسان في تلك الدار الأبدية، وهذا الإيمان والعلم يشرح صدر العالم ويهدأ من روعه في الشدائد والمصائب، فلا تتمكن من نفسه الوساوس ولا الهمزات، ويعيش عمره في العلم ومن أجل العلم، وهي سعادة لا يشعر بها إلا أصحابها.

13- إن العلم الشرعي يمنع الإنسان من الوقوع في دوامة الأهواء والشهوات التي تقود النفس إلى الهاوية، أثناء الفتن والأزمات، يقول تبارك وتعالى: {وَإِذَا جَاءَهُمْ أَمْرٌ مِّنَ الْأَمْنِ أَوِ الْخَوْفِ أَذَاعُوا بِهِ ۖ وَلَوْ رَدُّوهُ إِلَى الرَّسُولِ وَإِلَىٰ أُولِي الْأَمْرِ مِنْهُمْ لَعَلِمَهُ الَّذِينَ يَسْتَنبِطُونَهُ مِنْهُمْ ۗ وَلَوْلَا فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ لَاتَّبَعْتُمُ الشَّيْطَانَ إِلَّا قَلِيلًا}(1)، حيث يصور الله تعالى حال المنافقين حين حدوث الأمن للمسلمين وحصول الخير لهم، أو حين يتمكن الرعب والخوف من نفوسهم، سارعوا إلى إفشاء ذلك بين الناس ونشره من غير علم أو دليل، ولو ردّ هؤلاء ما جاءهم إلى الرسول ﷺ وإلى أهل العلم وذوي الألباب لكان خيرًا لهم في الحالتين

14- العلم الشرعي يحث صاحبه الإكثار من الطاعة والاجتهاد في العبادات، كأداء الفرائض على أفضل وجه، وتلاوة القرآن والتدبر في آياته، وقيام الليل والتضرع بين يدي الله تعالى وبث شكواه إليه، والمواظبة على قراءة الأذكار اليومية، وغيرها من الأعمال الصالحة.

15- إن العلم الشرعي الصحيح يقود إلى التوازن والاعتدال في كل شيء ويمنع دخول الغلو والتطرف إلى المجتمع، كما يبعد عنه التميع في تفسير النصوص وفي أداء الفرائض والعبادات، أو التهاون في المحظورات والمحرمات، بل إن هذا العلم يهدي المجتمع إلى الوسطية التي تميّز هذه الأمة عن غيرها، قال تعالى: {وكَذَٰلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطًا لِّتَكُونُوا شُهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ وَيَكُونَ الرَّسُولُ عَلَيْكُمْ شَهِيدًا}(2).

16- العلم الشرعي يحمي المجتمع من الوقوع في كبائر الإثم وما ينتج عنها من المفاسد والدمار على الأخلاق وعلى الناس في الميادين المختلفة، فالعلم الشرعي يحذر الناس من وبال المعاصي كالربا والزنا والخمور والمخدرات والسرقة وغيرها من الكبائر، لأنها جميعًا تفتك بالمجتمع وتفرّق أبناءه وتحلّ فيهم العداوات والأحقاد والضغائن.

17- العلم الشرعي يسهم في استقرار المجتمعات والأمم، لأنه يستند إلى الإيمان بالله تعالى والالتزام بشرعه الذي يعطي كل ذي حق حقه، ويمنع الظلم والاعتداء بين الناس، فيسود الأمن والاستقامة، وتقل الجريمة والانحراف، ويعيش الناس مطمئنين على أموالهم وأنفسهم ومصالحهم.

18- إن العلم الشرعي يحل كثيرًا من مشكلات الناس، لأن أهل العلم الشرعي – إضافة إلى علمهم – هم أهل الحكمة والاستقامة والخبرة، فلا يجاملون أحدًا على حساب حقوق الآخرين، لذا أمر الله تعالى عباده الرجوع إليهم لحلّ مشكلاتهم وفضّ نزاعاتهم بقوله: {فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِن كُنتُمْ لَا تَعْلَمُونَ}(3).

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(1) [النساء: 83]

(2) [البقرة: 143]

(3) [النحل: 43]



بحث عن بحث