النمو الإيماني والتعلق بالبشر

 

 

 

 

في أوقات الغفلة وقبل حدوث اليقظة الإيمانية ، تكون ثقة المرء في ربه ، وفي أنه مالك الكون ومدبر أموره والقائم عليه ؛ محدودة ، وفي المقابل تكون ثقته في الناس وفي قدراتهم الظاهرة أمامه كبيرة ، ومن ثَمَّ يزداد إيمانه في إمكانية نفعهم أو ضرهم له ، فيسعى لنيل رضاهم والاستفادة منهم ، لذلك تجده يتزين لهم بأقواله وأفعاله .. يفرح بمدحهم ، ويحزن من نقدهم .. يسعى دوما لتحسين صورته أمامهم لعله ينال حظوتهم .

فإذا ما حدثت اليقظة وازداد الإيمان نموًّا في القلب ازدادت تبعًا له الثقة في الله عز وجل ، ومن ثَمَّ تحولت هذه المشاعر تدريجيًّا نحوه سبحانه ، وانصرفت عن الناس ، فيقل الاهتمام  بهم والتفكير فيهم ، والحرص على نيل رضاهم .

وكلما نما الإيمان أكثر نقص التعلق بالناس ، والطمع فيهم حتى يصل المرء لدرجة الاستغناء القلبي عنهم ، أو بمعنى آخر : ينقطع تعلق القلب بهم من حيث النفع والضر .

نعم هو قد يطلب مساعدتهم في بعض الأعمال ، لكنه يتعامل معهم باعتبار أنهم من جملة الأسباب التي قد يأخذ بها ، أما الذي يُحرك الأحداث ويُنشئ النتائج فهو الله عز وجل ، وما البشر إلا ستار لإظهار قدرته وربوبيته .

وكذلك فهو قد يأخذ منهم ما يُعطونه إياه بطيب نفس ، ولكن يأخذه بمشاعر من يأخذ من الله عن طريقهم ، وأنهم مجرد أدوات لتوصيل رزق ربه – سبحانه – إليه .

وهكذا تظهر بالتدريج ثمار الاستغناء عن الناس تبعًا لنمو الإيمان الحقيقي في القلب .



بحث عن بحث