يمكن تحديد العلاقة بين السنة النبوية والعرف من خلال النقاط الآتية:

1- أن الدليل المعتبر شرعًا مع القرآن الكريم هو السنة النبوية وهذه حقيقة لا يجوز الحيدة عنها ولا تأويلها لأي سبب من الأسباب كما سبق تقريره، وعليه فيجب استحضار هذا الأصل.

2- أن العرف دليل معتبر في حال عدم تعارضه مع نص من نصوص السنة النبوية، وعند التعارض فالمرجعية للسنة النبوية لا للعرف، وهذا واضح من أصل التشريع، فالنبي صلى الله عليه وسلم لما بعث بهذا الدين ألغى كثيرًا من الأعراف وخرج عليها، بل حرّم كثيرًا من العادات السائدة، واعتبرها من الجرائم الكبيرة مثل: شرب الخمر، والقمار، والحلف بالآباء، والنياحة على الأموات، ومنع الإرث للنساء، وغيرها.

3- أن يلجأ إلى العرف في مسائل كلية لم يرد فيها نص قاطع، مثل ألفاظ العقود والدلالة على صراحتها وضمنيتها، وكذلك ألفاظ الطلاق غير الصريحة. وفي البيع والشراء، وغيرها.

4- ومن العلاقة أن بعض الأحكام غير القطعية قد تتغير بتغير الأعراف، ومن ذلك قاعدة تغير الأحكام بتغير الزمان؛ فالعرف السائد قد يغير حكم القاضي في مسألة من المسائل ما لم تكن المسألة قطعية. وللإمام ابن القيم بحث مستفيض في هذه المسألة في كتابه الشهير «إعلام الموقعين» لكن الذي ينبغي الإشارة إليه أن هذه المسألة ليست على إطلاقها، وإنما تخضع لاجتهاد المجتهد المبني على القرائن مع استحضار ما سبق من نقاط العلاقة مع السنة.

5- ومن العلاقة الدقيقة أن مخالفة الأعراف الظاهر قد تجرح عدالة الراوي إذ أن الراوي يشترط في توثيقه العدالة، ومن قوادح العدالة خوارم المروءة، والمروءة هي العادات والأعراف التي تعارف عليها الناس ما لم تكن مخالفة للشرع، فلو اشتهر أحد الرواة بمخالفة الأعراف فهذا يعتبر قدحًا في عدالته.



بحث عن بحث