القاعدة الثانية:

الطاقة والحماس

كثيرًا ما تتولد الرغبة الحقيقية عند الإنسان لتحقيق هدف نبيل أو الوصول إلى غاية سامية، ولكنه يجد نفسه عاجزًا عن ذلك بسبب ضعف في همته، أو مرض في جسمه، أو وهن في جوارحه، كالذي لديه رغبة جامحة في تعلم السباحة، ولكن جسمه الهزيل يمنعه من ذلك، فتهبط عزيمته ويصيبه الإحباط بسبب هذا العائق أو غيره، ومن أجل ذلك كان لابد للإنسان منذ مراحل عمره الأولى الاهتمام بعناصر الطاقة الكامنة لديه، سواء من الناحية الجسمية أو العقلية.

1 ـــ الطاقة الجسمية :

هناك كثير من الناس لديهم رغبة قوية للوصول إلى أعلى مراتب النجاح وتحقيق الأهداف العظيمة، بل لديهم وضوح في الرؤية، إلا أن ضعف قوتهم البدنية والجسمية يقف عائقًا أمام ذلك، فيقل إنتاجهم، وتتحدد حركتهم في حدود معينة لا يستطيعون تجاوزها، ومما يصيبهم الإحباط وإيلام النفس وعتابها، وبالتالي حدوث الفشل وإخفاق النجاح.

فالطاقة الجسمية هي القوة الكامنة في الإنسان، يستطيع التحرك بها إذا ما اعتني بعناصرها بشكل صحيح.

عناصر توليد الطاقة الجسمية: إن من أهم عناصر توليد الطاقة في الجسم:

أ ـ التغذية الجيدة والمفيدة.

ب ـ الاعتناء بالجسم ونظافته.

ج ـ ممارسة بعض أنواع الرياضة كالمشي أو الجري.

د ـ الحفاظ على العبادات، حيث يحتوي كثير منها على معالم حيوية للجسم، وما يسبق ذلك من عملية الوضوء التي تطهر الجسم وتزيل عنه الروائح والأدران، ومثله الصيام وما له من مردود على صحة الإنسان وقوة إرادته، وغيرها من العبادات التي تحافظ على الطاقة الجسمية والبدنية عند الإنسان.

2 ـــ الطاقة العقلية :

هي التي يكتسبها الإنسان بالتأمل والتفكير بالأشياء، ومن ثم القناعة بأهمية هذه الأشياء، وكيفية تحقيق الأهداف من خلالها.

لأن العقل هو المحرك لسلوك الإنسان وتوجهاته في الحياة، وإن الاعتناء به وبالعناصر التي تغذيه، يؤدي إلى سلامة التصرف والسلوك، ونجاح في النتيجة، وأما إهماله وعدم الاهتمام بأسباب تغذيته فيؤدي إلى انحراف السلوك وفشل في النتيجة.

ومن أهم العوامل التي تجعل الطاقة العقلية تسير نحو الرغبة في النجاح الحقيقي هي:

1 ـ إيجاد قناعة داخلية تؤكد للإنسان أن لديه القوة الكافية والقدرات اللازمة، لتحقيق أي هدف يحدده لنفسه، قال الله تعالى: âأَلَمْ نَجْعَلْ لَهُ عَيْنَيْنِ ﴿8 وَلِسَانًا وَشَفَتَيْنِ ﴿9 وَهَدَيْنَاهُ النَّجْدَيْنِ á، وهو الإنسان الذي أكرمه الله تعالى وميّزه عن سائر المخلوقات، وأمر الملائكة له بالسجود، وأرسل إليه الرسل والأنبياء لبيان رسالته في الحياة، وأمره بعدها بالتفكر والتأمل ليميز الخبيث من الطيب، والهدى من الضلال، قال الله تعالى: âوَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آدَمَ وَحَمَلْنَاهُمْ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَرَزَقْنَاهُمْ مِنَ الطَّيِّبَاتِ وَفَضَّلْنَاهُمْ عَلَى كَثِيرٍ مِمَّنْ خَلَقْنَا تَفْضِيلًا á.

2 ـ الابتعاد عن العادات والأخلاق السيئة التي تؤثر على سلامة العقل، من تعاطي الخمور أو تناول المخدرات وغيرها من المسكرات والمفترات، قال الله تعالى: âيَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالْأَنْصَابُ وَالْأَزْلَامُ رِجْسٌ مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ فَاجْتَنِبُوهُ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ á.

3 ـ التحرير من الخرافات والأساطير، كالتطير، أو التشاؤم ببعض الأزمان والأماكن والأشخاص، قال النبي صلى الله عليه وسلم: «لا عدوى ولا طيرة ولا هامّة ولا صفر».

4 ـ الابتعاد عن الكهنة والسحرة، الذين يتعاملون مع الجن على حساب سلامة العقيدة، فيقعون في الكفر والشرك، وحين يتعامل الإنسان مع هؤلاء يصبح أسيرًا لأوامرهم ودجلهم، فلا يبقى للعقل دور في حياته مع نفسه ومع أهله ومجتمعه، وقد نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن اللجوء إلى الكهنة والسحرة بقوله: «من أتى عرّافًا فسأله عن شيء لم تُقبل له صلاة أربعين ليلة».

5 ـ الحذر من مصاحبة الأصدقاء الأعداء، الذين يقتلون روح الطموح عند الآخرين، واختيار الصحبة الصالحة التي تحض على العلم، وتحرص على إيجاد الرغبة الخيّرة في الإنسان، لتحقيق أهدافه السامية، والاقتداء بالأنبياء والرسل عليهم السلام، وأخذ العبرة من القصص الغابرة التي وردت في القرآن والسنة المطهرة، قال الله تعالى: âلَقَدْ كَانَ فِي قَصَصِهِمْ عِبْرَةٌ لِأُولِي الْأَلْبَابِ á.

¡  ¡  ¡

وبناءً على ما سبق:

على كل من يريد النجاح، أن يضع برنامجًا متكاملًا لإحياء الطاقة لديه في جسمه وعقله، وهذا البرنامج ما هو يومي، أو أسبوعي، أو شهري، أو سنوي، مثل نوعية الغذاء، والبرنامج الرياضي، وأخذ الراحة المطلوبة، وكذا وضوح الرؤية في الأهداف والمشاريع المنشودة، والقراءة حولها والاستشارة في خطواتها.

وإن من أهم ما يولّد الطاقة هو: الارتباط بالله جل وعلا، وعبادته حق العبادة، ودعاؤه ليلًا ونهارًا، واستشعاره الثمار المرجوة من عمله ونجاحه.

والخلاصة :

إن الخطوة الثانية المصاحبة للرغبة نحو تحقيق النجاح هي: تكوين الطاقة الجسمية والعقلية التي تعين الإنسان في ذلك، ولا تقبل الفتور والعثور، وتعين على المضي والإقدام.



بحث عن بحث