القاعدة الخامسة: كتابة العلم

من أهم الوسائل التي تعين الإنسان في التحصيل العلمي والمعرفي هي الكتابة، سواء الكتابة على الأوراق والمذاكرات، أو الكتابة الإلكترونية في الحاسب الآلي الشخصي، وقد ذكر الله تعالى أهمية الكتابة في أول ما نُزّل من القرآن، فقال: âاقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ ﴿1 خَلَقَ الْإِنْسَانَ مِنْ عَلَقٍ ﴿2 اقْرَأْ وَرَبُّكَ الْأَكْرَمُ ﴿3 الَّذِي عَلَّمَ بِالْقَلَمِ ﴿4 عَلَّمَ الْإِنْسَانَ مَا لَمْ يَعْلَمْ á.

وفي سورة أخرى، أقسم الله بالقلم لأهميته في تحصيل العلم وسهولة ترسيخه في الأذهان، فقال: âن وَالْقَلَمِ وَمَا يَسْطُرُونَ á.

وجاء في الحديث الدعوة الصريحة لكتابة العلم فقال النبي عليه الصلاة والسلام: «قيّدوا العلم بالكتاب».

ولكتابة العلم والمعرفة فوائد كثيرة للإنسان في مجال عمله وإدارته للحياة، ومن أهمها:

1ـ في الكتابة تنظيم للعمل وحفاظ على الوقت، حين يبرمج الإنسان أعماله اليومية والأسبوعية والشهرية بما يناسبها من أوقات وأزمنة من خلال خطة مكتوبة يرجع إليها بين الحين والآخر، لمعرفة سير العمل ومدى إنجازه ونجاحه.

2 ـ بالكتابة يتفادى الإنسان النسيان، ويحافظ على أفكاره البعيدة والقريبة ويربط بينها، ليخرج بأفضل النتائج والثمرات.

3ـ الكتابة تحافظ على العلم والمعرفة، وتحميها من الضياع والتبديل والتغيير، فقد وصل إلينا الدين بالكتابة، حيث جمع القرآن كتابة، وحُفظ في الصدور والسطور، وكذلك السنة النبوية، ودوّنت العلوم والمعارف في جميع التخصصات عبر العصور التاريخية، ولولا الكتابة لما وصلت البشرية إلى ما هي عليه من الحضارة والعلم والتقدم في الميادين المختلفة.

الكتابة تجعل الأهداف أكثر وضوحًا للإنسان، من خلال تدوين الخطط والبرامج، وبيان مراحل الطريق والوسائل المستخدمة، والتحديات التي قد تواجهه في رحلة طموحاته وتحقيق أهدافه، ومن غير الكتابة تبقى الأهداف غير واضحة المعالم، ويحيط بها الغموض، نتيجة تشتت الأفكار والخطط الخاصة بها في الأذهان فحسب.

 5ـ إن الأفكار وليدة لحظات معينة، فربما تتولد عند الإنسان إبداعات فكرية في لحظات غير أوقات العمل، فلا بد من كتابتها وتدوينها، لذا؛ يُنصح كل شخص أن يحمل معه في الجيب، أو في السيارة دفترًا صغيرًا وقلمًا، لمثل هذه الحالات. وصدقت الحكمة القائلة: العلم صيد والكتابة قيده.

6 ـ الكتابة تخفف عن الإنسان الضغوطات النفسية، وتخلصه من الهموم والأحزان، حين يبدأ بتفريغ شكواه ومعاناته على قرطاسه.

7 ـ في الكتابة توثيق للحقائق والأحداث، ولولا الكتابة لصارت جميع الأخبار والأحداث في طي النسيان، وبقيت مجرد حكايات وأساطير يتناقلها الأجيال، ومن أجل ذلك ظهرت في العصور المتأخرة كتابة المذكرات الشخصية والسير الذاتية للشخصيات والرجالات الذين أدّوا أدوارًا مهمة في صناعة الأحداث لفترات زمنية معينة.

وبناء على ما سبق، فمن المهم كتابة ما يريده الإنسان ويحصّله من تجارب وأحوال، فالعلم والأفكار كالصيد، فإن لم يصد طار وترك الإنسان، وحتى تكون إدارة الحياة ناجحة لابد من استخدام الكتابة وبالذات في العلوم والمعارف والخبرات والتجارب، وفيما يريد عمله.

فاكتب ولا تعجز.



بحث عن بحث