الخطبة الثانية

 الحمد لله رب العالمين والعاقبة للمتقين، ولا عدوان إلاَّ على الظالمين، وأشهد ألا إله إلا الله، وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله، إمام المتقين وخاتم المرسلين، صلى الله وسلم عليه وعلى آله وصحبه أجمعين.

أيها المسلمون!

   ومع التحلي باليقين في وعد رب العالمين وعلمه وإحاطته وحكمته، جل وعلا، لا بد من وقفات مع الواقع المرير، وقفات صدق ومحاسبة مع النفس والمجتمع، على كل المستويات، فما أصاب المسلمين من الوهن، والضعف، والعجز عن التصدي لهذا العدوان إنما هو أحد آثار الذنوب، والمعاصي في الأمة.

  وما أثر في المسلمين ليس قوة العدو، بل ضعف المسلمين، ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم، وفي حديث ثوبان رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: " يوشك أن تداعى عليكم الأمم من كل أفق كما تداعى الأكلة إلى قصعتها قيل: يا رسول الله! فمن قلة يومئذ؟ قال: أنتم يومئذ كثير، ولكنكم غثاء كغثاء السيل ويجعل الوهن في قلوبكم وينزع المهابة من قلوب عدوكم لحبكم الدنيا وكراهيتكم الموت".

  وإن واجبنا فرادى وجماعات لا يقف عند حد النصرة لإخواننا المستضعفين  بالدعاء والمال، وسائر صور النصرة، بل إن الواجب الأكبر أن نراجع حساباتنا، وأن يستشعر كل مسلم ومسلمة أنه جزء من أمة تؤتى من قبله بقدر ذنوبه ، والعياذ بالله.

عباد الله!

  ذلك الداء: ليس له إلا هذا الدواء.. فلا بد من العودة- فرادى وجماعات- إلى الله عز وجل حتى يتنزل النصر ( يا أيُّها الَّذين آمنوا إن تنصُروا الله ينصُرْكُمْ ويُثبِّتْ أقدامكم) (محمد: 7) ، (إن ينصُرْكُمُ اللَّهُ فلا غالب لكم وإن يخذلكم فمـن ذا الـذي ينصرُكُم مـن بعـده وعلى الله فليتوكل المؤمنون) (آل عمران: 160) ، (ولينصُرَنَّ اللهُ من ينصرُهُ إنَّ اللَّه لقوي عزيز* الذين إن مكنَّاهم في الأرضِ أقاموا الصلاة وآتُوا الزكاة وأمروا بالمعروف ونهوا عن المنكر ولِلَّهِ عاقبةُ الأمور) (الحج: 40-41).

   كما أنه لا بد من توحيد الصف ونبذ النزاع والشقاق بين المسلمين، والإلحاح في الدعاء لإخواننا المستضعفين وعدم الاستهانة به، فهو سلاح عظيم دائم نؤازرهم به.

   فعلى الجميع رعاة ورعية الحفاظ على الشباب من المغريات والمحرمات، وحماية النساء من الفتن والتبرج والسفور والاختلاط، وشغلهنّ بما ينفعهن في دينهن، والسعي إلى إصلاح الأسرة المسلمة بعامة وفق شرع الله تعالى.

   فاتقوا الله، عباد الله، وخذوا بأسباب النصر وأصلحوا بيوتكم، واعتزوا بدينكم ، وثقوا بموعود ربكم.. (واللَّهُ غالبٌ على أمره ولكِنَّ أكثرَ الناسِ لا يعلمون) (يوسف: 21).

   اللهم كن لنا، ولا تكن علينا، ولا تكلنا طرفة إلينا، وصلوا وسلموا على رسول الله كما أمركم الله في محكم كتابه العزيز حيث قال : (إن الله وملائكته يصلون على النبي يا أيها الذين آمنوا صلوا عليه وسلموا تسليماً).



بحث عن بحث