احترام المسجد وتنزيهه عن الأقذار

 

ولاحترام المسجد نهى النبي ﷺ آكل الثوم والبصل من اقتراب المسجد، فعَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللّٰـهِ عَن النَّبِيِّ ﷺ قَالَ: مَنْ أَكَلَ مِنْ هَذِهِ الْبَقْلَةِ الثُّومِ، وقَالَ مَرَّةً: مَنْ أَكَلَ الْبَصَلَ وَالثُّومَ وَالْكُرَّاثَ فَلَا يَقْرَبَنَّ مَسْجِدَنَا، فَإِنَّ المَلَائِكَةَ تَتَأَذَّى مِمَّا يَتَأَذَّى مِنْهُ بَنُو آدَمَ(1)

وشرع غسل يوم الجمعة لاحترام المسجد والمصلين، فعَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ أَنَّ رَسُولَ اللّٰـهِ ﷺ قَالَ: غُسْلُ يَوْمِ الْجُمُعَةِ وَاجِبٌ عَلَى كُلِّ مُحْتَلِمٍ(2)

وعَنْ عَائِشَةَ زَوْجِ النَّبِيِّ ﷺ قَالَتْ: كَانَ النَّاسُ يَنْتَابُونَ يَوْمَ الْجُمُعَةِ مِنْ مَنَازِلِهِمْ وَالْعَوَالِيِّ، فَيَأْتُونَ فِي الْغُبَارِ، يُصِيبُهُمْ الْغُبَارُ وَالْعَرَقُ، فَيَخْرُجُ مِنْهُمْ الْعَرَقُ، فَأَتَى رَسُولَ اللّٰـهِ ﷺ إِنْسَانٌ مِنْهُمْ وَهُوَ عِنْدِي، فَقَالَ النَّبِيُّ ﷺ: لَوْ أَنَّكُمْ تَطَهَّرْتُمْ لِيَوْمِكُمْ هَذَا(3)

وكان يحب إنارة المسجد، فعَنْ مَيْمُونَةَ مَوْلَاةِ النَّبِيِّ ﷺ أَنَّهَا قَالَتْ: يَا رَسُولَ اللّٰـهِ أَفْتِنَا فِي بَيْتِ المَقْدِسِ؟ فَقَالَ: ائْتُوهُ فَصَلُّوا فِيهِ، ــ وَكَانَت الْبِلَادُ إِذْ ذَاكَ حَرْبًا ــ فَإِنْ لَمْ تَأْتُوهُ وَتُصَلُّوا فِيهِ، فَابْعَثُوا بِزَيْتٍ يُسْرَجُ فِي قَنَادِيلِهِ(4)

وأوعد بالأجر الجزيل لمن يكنس المسجد وينظفه، ويؤجر الإنسان على هذا العمل حتى القذاة التي يخرجها من المسجد، فعَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللّٰـهِ ﷺ: عُرِضَتْ عَلَيَّ أُجُورُ أُمَّتِي، حَتَّى الْقَذَاةُ يُخْرِجُهَا الرَّجُلُ مِن المَسْجِدِ، وَعُرِضَتْ عَلَيَّ ذُنُوبُ أُمَّتِي، فَلَمْ أَرَ ذَنْبًا أَعْظَمَ مِنْ سُورَةٍ مِن الْقُرْآنِ أَوْ آيَةٍ أُوتِيَهَا رَجُلٌ ثُمَّ نَسِيَهَا(5)

 

قال صاحب العون في شرحه: فِيهِ جَوَاز شَدّ الرَّحَّال إِلَى بَيْت المَقْدِس، وَأَدَاء الصَّلَاة فِيهِ، وَاِتِّخَاذ السُّرُج فِي المَسَاجِد.

وكانت امرأة سوداء تكنس المسجد فماتت ولم يخبر بها النبي ﷺ، فلما علم بها أتى على قبرها وصلى عليها، فعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَجُلًا أَسْوَدَ أَوْ امْرَأَةً سَوْدَاءَ كَانَ يَقُمُّ المَسْجِدَ فَمَاتَ، فَسَأَلَ النَّبِيُّ ﷺ عَنْهُ، فَقَالُوا: مَاتَ. قَالَ: أَفَلَا كُنْتُمْ آذَنْتُمُونِي بِهِ؟ دُلُّونِي عَلَى قَبْرِهِ. أَوْ قَالَ: قَبْرِهَا. فَأَتَى قَبْرَهَا. فَصَلَّى عَلَيْهَا(6)

فيتضح مما سبق أن طهارة المسجد ونظافته أمر واجب، ولذا يجب علينا أن نحترمه ونراعي آدابه، وبخاصة في هذا الوقت الذي ملئت المساجد فرشًا منوعةً، وقابلة للاتساخ فيتنبه لذلك، وقد تحمل هذه الفرش مع الأوساخ أمراضًا فيكون هذا الذي تسبب في الأوساخ مسببًا للأمراض، نسأل الله تعالى أن يكتبنا من العامرين للمساجد والحافظين لآدابها.

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(1) صحيح مسلم، كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب: نهي من أكل ثومًا أو بصلاً أو نحوها مما له رائحة كريهة عن حضور المسجد حتى يذهب ذلك الريح وإخراجه من المسجد، برقم: (564)، ص: 227.

(2) صحيح البخاري، كتاب الجمعة، باب: فضل الغسل يوم الجمعة، برقم: (879)، ص: 142، وصحيح مسلم، كتاب الجمعة، باب: وجوب غسل الجمعة على كل بالغ من الرجال، برقم: (846)، ص: 341.

(3) صحيح البخاري، كتاب الجمعة، باب: من أين تؤتى الجمعة وعلى من تجب، برقم: (902)، ص: 145، وصحيح مسلم، كتاب الجمعة، باب: وجوب غسل الجمعة على كل بالغ من الرجال، برقم: (847)، ص: 341.

(4) سنن أبي داود، كتاب الصلاة، باب: في السرج في المساجد, برقم: (457)، ص: 77.

(5) سنن أبي داود، كتاب الصلاة، باب: في كنس المسجد, برقم: (461)، ص: 78، وجامع الترمذي، كتاب فضائل القرآن، باب: ما جاء فيمن قرأ حرفًا من القرآن، برقم: (2916)، ص: 655.

(6) صحيح البخاري، كتاب الصلاة، باب:كنس المسجد والتقاط الخرق والقذى والعيدان, برقم: (458)، ص: 79، واللفظ له، وصحيح مسلم، كتاب الجنائز، باب: الصلاة على القبر، برقم: (956)، ص: 385.



بحث عن بحث