عوائق وعقبات في طريق الدعوة

 

ثانيًا: بيان موجز لبعض العوائق والعقبات في طريق الدعوة الداخلية والخارجية:

إن طريق الدعوة إلى الله تعترضها عوائق وعقبات، فعلى الداعي أن يستعد لها، ويتجاوزها بقوة الإيمان واليقين، فأذكر بعضها على سبيل الإيجاز، منها:

•       الشيطان: الشيطان رأس الأعداء، وقائد المخذلين والمتربصين، حريص عرقلة مسيرة الدعوة، يتنوع في مكايده، كيف لا، وقد وعد اللهَ تعالى يوم طرد من رحمته: ﴿قَالَ أَرَأَيْتَكَ هَـٰذَا الَّذِي كَرَّمْتَ عَلَيَّ لَئِنْ أَخَّرْتَنِ إِلَىٰ يَوْمِ الْقِيَامَةِ لَأَحْتَنِكَنَّ ذُرِّيَّتَهُ إِلَّا قَلِيلًا﴾ [سورة الإسراء: 62]. وفي موضع: ﴿قَالَ فَبِمَا أَغْوَيْتَنِي لَأَقْعُدَنَّ لَهُمْ صِرَاطَكَ الْمُسْتَقِيمَ ﴿١٦﴾ ثُمَّ لَآتِيَنَّهُم مِّن بَيْنِ أَيْدِيهِمْ وَمِنْ خَلْفِهِمْ وَعَنْ أَيْمَانِهِمْ وَعَن شَمَائِلِهِمْ ۖ وَلَا تَجِدُ أَكْثَرَهُمْ شَاكِرِينَ ﴾ [سورة الأعراف: 16، 17]. فيبذل كل السبل لإغواء بني آدم، ويحاول بكل ما أوتي من قوة لإضلالهم.

 

لذا حذر الله تعالى من اتباعه، كما قال تعالى: ﴿ يَا أَيُّهَا النَّاسُ كُلُوا مِمَّا فِي الْأَرْضِ حَلَالًا طَيِّبًا وَلَا تَتَّبِعُوا خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ ۚ إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُّبِينٌ ﴿١٦٨﴾ إِنَّمَا يَأْمُرُكُم بِالسُّوءِ وَالْفَحْشَاءِ وَأَن تَقُولُوا عَلَى اللَّـهِ مَا لَا تَعْلَمُونَ ﴾ [سورة البقرة: 168-169]. وقال تعالى: ﴿إِنَّ الشَّيْطَانَ لَكُمْ عَدُوٌّ فَاتَّخِذُوهُ عَدُوًّا ۚ إِنَّمَا يَدْعُو حِزْبَهُ لِيَكُونُوا مِنْ أَصْحَابِ السَّعِيرِ﴾ [سورة فاطر:6](1)

 

•       النفس: إن الإنسان بعد الشيطان قد يبتلى بالنفس الأمارة، كما قال تعالى عن امرأة العزيز: ﴿وَمَا أُبَرِّئُ نَفْسِي ۚ إِنَّ النَّفْسَ لَأَمَّارَةٌ بِالسُّوءِ﴾ والعلماء ذكروا أن النفس ثلاثة أقسام: نفس مطمئنة التي لا تأمر إلا بالخير، ونفس لوامة التي تلوم الإنسان بعد ارتكاب المعصية، وأحياناً قبلها أيضاً، ونفس أمارة بالسوء التي تأمر الإنسان بالسوء وتزين له الفحشاء والمنكر، والمعاصي والذنوب. فالنفس الأمارة بالسوء من معوقات الدعوة. فعلى الداعية أن يتنبه إلى ذلك.

 

•       اتباع الهوى: وهذا يدخل في النقطة السابقة، فإن اتباع الهوى نتيجة لاتباع النفس الأمارة بالسوء، وقد حذر الله من اتباع الهوى، كما قال تعالى: ﴿أَفَرَأَيْتَ مَنِ اتَّخَذَ إِلَـٰهَهُ هَوَاهُ وَأَضَلَّهُ اللَّـهُ عَلَىٰ عِلْمٍ وَخَتَمَ عَلَىٰ سَمْعِهِ وَقَلْبِهِ وَجَعَلَ عَلَىٰ بَصَرِهِ غِشَاوَةً فَمَن يَهْدِيهِ مِن بَعْدِ اللَّـهِ ۚ أَفَلَا تَذَكَّرُونَ﴾ [الجاثية :23]

يقول ابن كثير: أي: إنما يأتمر بهواه، فمهما رآه حسنًا فعله، ومهما رآه قبيحًا تركه(2)

فاتباع الهوى من أسباب الخسران، فلذا يلزم للداعية أن يكون بعيدًا من هوى النفس، وعليه أن يربيها على اتباع الشرع وترويضها على ذلك، فالنفس كالعجينة بحسب ما يربيها الإنسان عليه

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(1) نظر للتفصيل كتاب: تلبيس إبليس للإمام ابن الجوزي : ففيه تفصيلات حسنة، حري بالداعية أن يقرأها.

(2) تفسير ابن كثير، 7/253.



بحث عن بحث