المبحث السادسالمسائل الفقهية

المسألة الحادية عشرة: عدم أخذ خيار المال في الزكاة:

استنبط العلماء من هذا الحديث: أن على الساعي لأخذ الزكاة أن لا يأخذ خيار المال ونفيسه، لما يترتب عليه من ظلم وإجحاف برب المال، أخذًا من قوله صلى الله عليه وسلم: «وإياك وكرائم أموالهم«.

قال ابن دقيق العيد: «ويدل الحديث أيضًا على أن كرائم الأموال لا تؤخذ من الصدقة كالأكولة، والربى، وهي التي تربي ولدها، والماخض، وهي الحامل، وفحل الغنم، وحزرات المال، وهي التي تحرز بالعين وترمق لشرفها عند أهلها.

والحكمة فيه: أن الزكاة وجبت مواساة للفقراء من مال الأغنياء، ولا يناسب ذلك الإجحاف بأرباب الأموال، فسامح الشرع أرباب الأموال بما يضنون به، ونهى المصدقين عن أخذه«(1).

وقال الإمام النووي: «وفيه: أنه يحرم على الساعي أخذ كرائم المال في أداء الزكاة، بل يأخذ الوسط، ويحرم على ربِّ المال إخراج شرِّ المالي«(2).

وقال العيني: «فيه: أن الساعي ليس له أن يأخذ خيار الأموال، بل يأخذ الوسط، بين الخيار والرديء«(3).

وقال الحافظ ابن حجر: «قوله: «فإياك وكرائم أموالهم»... فيه: ترك أخذ خيار المال، والنكتة فيه: أن الزكاة لمواساة الفقراء، فلا يناسب ذلك الإجحاف بمال الأغنياء، إلا إن رضوا بذلك«(4).

وقال الشوكاني: «وفيه دليل على أنه لا يجوز للمصدِّق أخذ خيار المال؛ لأن الزكاة لمواساة الفقير، فلا يناسب ذلك الإجحاف بالمالك إلا برضاه«(5).

فمن هذا يتبين أنه لا خلاف بين أهل العلم في هذا الأمر. والله أعلم.

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(1) إحكام الأحكام (2/ 3).

(2) شرح النووي على مسلم (1/197).

(3) عمدة القاري (8/ 238).

(4) فتح الباري (3/ 360).

(5) نيل الأوطار (4/131).

 

([1]) شرح النووي على مسلم (1/197).

([1]) عمدة القاري (8/ 238).

([1]) فتح الباري (3/ 360).

([1]) نيل الأوطار (4/131).



بحث عن بحث