المقدمة

الحمد لله الذي أنار بالقرآن والسنة طريق السالكين، وجعلهما حجَّة على العالمين، وأزاح بهما شبهات المتشككين، وبدد بهما ظلام الجاهلين، ونوَّر بهما قلوب الصادقين، وأصلي وأسلم على أشرف الأنبياء والمرسلين؛ نبينا محمد الذي بلَّغ الرسالة، وأدَّى الأمانة، ونصح الأمة، وكشف الله به الغُمة، وجاهد في الله حق جهاده، فصبر وصابر، ودعا وثابر، وأمر ونهى، حتى أتاه اليقين، وعلى آله وأصحابه قدوة السالكين، ونَقَلَةِ السنة للعالمين، والتابعين ومن تبعهم وسار على خطاهم إلى يوم الدين،أما بعد:

فإن من أعظم الخير وأَجَلِّه الاشتغال بالقرآن والسنة، تعلمًا وتعليمًا، وفهمًا وتطبيقًا، ونشرًا وتأليفًا؛ فذلك من الباقيات الصالحات، والأجور المدخرات مع حسن المقاصد والنيات.

وهذه الرسالة اللطيفة حول حديث من أحاديث القدوة -عليه الصلاة والسلام- ألا وهو: حديث أبي سعيد الخدري في الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر؛ فهذه الرسالة تبين مكنوناته، وتستخرج فوائده، وتنبه على مسائله، وتوضح فرائده، سَلَكْتُ فيها مسلك الإيضاح والبيان مع الإيجاز قدر الإمكان.

وأصل هذه الرسالة أنني كنت شرحت في الحديث في مقرر الحديث التحليلي لطلاب الدراسات العليا -السنة المنهجية- قسم السنة وعلومها بكلية أصول الدين -بالرياض-، فرأى بعض السامعين أن تُفْرَدَ برسالة مستقلة، فعزمت على ذلك مع بعض الإضافات اليسيرة. فخرَّجْتُ الحديث على نهج تخريج المعاصرين في الدلالة على مواضع الحديث من مصادره الأصلية، مع تعريف موجز بحال الرواة لا لمعرفة حكم الحديث؛ فهذا قد كفيناه لخروجه في الصحيح، فلا حاجة إلى التعديل والتجريح، ولكن لزيادة في الفائدة، ومعرفة لحال النَّـقَلَة، وكان كل ذلك المبحث الأول، وأما المبحث الثاني ففيما يوضح الغامض من الألفاظ، ويشرح ما يحتاج شرحًا وبيان معنى وإعرابًا، وسميته التحليل اللفظيَّ للحديث، والمبحث الثالث في الفوائد والفرائد من المسائل والأحكام فيما يستخرج منه، وهي لبُّ المقصود، وأهم المطلوب، وختمته بعد ذلك بخاتمة موجزة بيَّنتُ فيها أهم النتائج.

هذا هو عملي، فما كان فيه من صواب فهذا توفيق من الله، وما كان غير ذلك؛ فأسأل الله العفوَ عن التقصير والزلل.

كما أسأله -سبحانه- أن ينفع بهذا الجهد، ويُعلي به الدرجات، ويكفر به السيئات، ويجعله من القرب النافعات في الحياة وبعد الممات.

ثم أسأل القارئ الكريم أن يدل إلى الخطأ، ويرشد إلى الصواب؛ فذلك عنوان التقوى، وطريق إلى جنة المأوى.

والله أعلم، وصلى الله على نبينا محمد، وعلى آله وأصحابه أجمعين.

كتبـه

فالح بن محمد بن فالح الصغيِّر

الرياض 1422هـ



بحث عن بحث