تعريف الحديث الموضوعي

أولاً: تعريفه باعتبار مفرداته:

تعريف الحديث:

في اللغة: الحديث ضد القديم.

وفي الاصطلاح: هو ما روي عن النبي صلى الله عليه وسلم  من قول أو فعل أو تقرير أو صفة خَلقية أو خُلقية.

شرح التعريف:

(ما أضيف إلى النبي صلى الله عليه وسلم): يخرج به ما أضيف إلى غيره.

(من قول): يعني: الأحاديث القولية وهي أكثر الأحاديث، كقوله صلى الله عليه وسلم : (المسلم من سلم المسلمون من لسانه ويده)، وقوله: (لا يدخل الجنة من كان في قلبه مثقال ذرة من كبر).

(أو فعل): مثل ما نقله الصحابة ن من صفة صلاته واعتكافه وحجه وغيرها.

(أو تقرير) وله عدة صور:

أ- أن يرى فعلاً من أفعال الصحابة ثم يقره بقوله.

ب- أو يسكت عنه.

ج- أو تحدث حادثة لم يشهدها ثم يقرها.

(أو صفة خَلْقية): ما نقل إلينا من صفاته الخلقية كالطول واللون.

(أو صفة خُلُقية):وهي شمائله وكريم أخلاقه من حلم وصبر وشجاعة وكرم وغيرها، وزاد بعضهم (وكذا ما أضيف إلى الصحابة أو التابعين).

مرادفات لفظ الحديث بمعناه الاصطلاحي:

1-السنة.

تعريفها لغة: هي السيرة حسنة كانت أو قبيحة.

والسنة هي الطريقة فسنة كل واحد ما عهدت منه المحافظة عليه، والإكثار منه سواء كان ذلك من الأمور الحميدة أو غيرها .

ولها أيضاً معان أخرى تقرب مما ذكر.

وفي الاصطلاح: هي كل ما أثر عن النبي صلى الله عليه وسلم  من قول أو فعل أو تقرير أو صفة خلقية أو خلقية أو سيرة سواء كان ذلك قبل البعثة أم بعدها.

والسنة بهذا المعنى مرادفة لمعنى الحديث النبوي عند بعضهم.

معاني السنة في القرآن الكريم:

ورد لفظ السنة في كتاب الله تعالى في مواضع عدة، كما في سورة آل عمران آية 137 وسورة النساء آية 26 وسورة الأنفال آية 38 وسورة الحجر آية 13 وسورة الإسراء آية 77 وسورة الكهف آية 55 وسورة الأحزاب آية 38 و62 وسورة فاطر آية 43 وغافر آية 85 والفتح آية 23 كما في المعجم المفهرس، وقد ذكر المفسرون والمعتنون بألفاظ القرآن الكريم أن معناها الطريقة مطلقاً من غير تقييد.

قال الأصبهاني: (السنن جمع سنة وسنة الوجه طريقته وسنة النبي طريقته التي كان يتحراها، وسنة الله تعالى قد تقال لطريقة حكمته وطريقة طاعته نحو سنة الله التي قد خلت ..).

قال ابن كثير في تفسيره لقوله تعالى: (يريد الله ليبين لكم ويهديكم سنن الذين من قبلكم: يعني طرائقهم الحميدة).

وقال القرطبي: (يبين لكم طرق الذين من قبلكم من أهل الحق وأهل الباطل).

معانيها في حديث النبي صلى الله عليه وسلم :

ورد لفظ السنة في أحاديث النبي صلى الله عليه وسلم  كثيراً، ويبينها الشارحون لحديثه صلى الله عليه وسلم  بمعنى الطريق المتبعة.

قال ابن الأثير –في باب السين مع النون- سنن: (قد تكرر في الحديث ذكر السنة وما تصرف منها والأصل منها الطريقة والسيرة وإذا أطلقت في الشرع فإنما يراد بها ما أمر به النبي صلى الله عليه وسلم  ونهى عنه وندب إليه قولاً وفعلاً مما لم ينطق به الكتاب العزيز، ولهذا يقال في أدلة الشرع: الكتاب والسنة أي القرآن والحديث).

قال الحافظ ابن حجر: (السنة ما جاء عن النبي صلى الله عليه وسلم  من أقواله وتقريره وما همّ بفعله،

والسنة في أصل اللغة: (الطريقة).

معانيها عند علماء الشريعة سوى المحدثين:

  •  أ ــ السنة في علم الاعتقاد:

هي الطريقة المسلوكة فيشمل ذلك التمسك بما كان عليه صلى الله عليه وسلم  وخلفاؤه الراشدون من الاعتقادات والأعمال والأقوال وهذه هي السنة الكاملةاستناداً إلى ما جاء في حديث العرباض بن سارية رضي الله عنه قال: وعظنا رسول الله صلى الله عليه وسلم  يوما بعد صلاة الغداة موعظة بليغة ذرفت منها العيون ووجلت منها القلوب فقال رجل: إن هذه موعظة مودع فماذا تعهد إلينا يا رسول الله؟ قال: أوصيكم بتقوى الله والسمع والطاعة وإن عبد حبشي فإنه من يعش منكم يرى اختلافا كثيرا وإياكم ومحدثات الأمور فإنها ضلالة فمن أدرك ذلك منكم فعليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين المهديين عضوا عليها بالنواجذ).

  •  ب ــ السنة في اصطلاح الفقهاء:

فهي كل ما ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم  ولم يكن من باب الفرض ولا الواجب فهي الطريقة المتبعة في الدين من غير افتراض ولا وجوب.

أو هي كما يعبر بعضهم: ما يثاب فاعله ولا يعاقب تاركه.

  •  ج ــ السنة في اصطلاح علماء أصول الفقه:

قال الآمدي في تعريف السنة: وقد تطلق على ما صدر عن الرسول صلى الله عليه وسلم  من الأدلة الشرعية مما ليس بتلو ولا هو معجز ولا داخـل في المعجز.

وقد ذكر ابن حزم أقسام السنة فقال: السنن تنقسم ثلاثة أقسام: قول من النبي صلى الله عليه وسلم ، أو فعل منه عليه السلام، أو شيء رآه وعلمه فأقر عليه ولم ينكره.

وبهذا يتبين أن السنة عند الأصوليين هي: كل ما صدر عن النبي صلى الله عليه وسلم  غير القرآن من قول أو فعل أو تقرير مما يصلح أن يكون دليلاً لحكم شرعي.

وبهذا يتبين الفرق بين هذه المصطلحات لهذا اللفظ الواحد بأن كل أهل العلم نظروا إلى السنة من منظار معين.

فالمحدثون نظروا إليها باعتبار كل ما صدر عن النبي صلى الله عليه وسلم .

والأصوليون  نظروا إليها باعتبار ما يصلح أن يكون دليلاً شرعياً.

والفقهاء نظروا إليها باعتبارها حكماً تكليفياً فهي أحد الأحكام التكليفية الخمسة.

وعلماء الاعتقاد نظروا إليها باعتبار ثبوتها بالدليل الشرعي فما يخالفها يعتبر بدعة فهي قسيم البدعة استناداً إلى ما جاء في حديث العرباض الذي سبق ذكره.

وهذا الإطلاق هو السائر في كتب العقيدة، وهو الغالب في الاستعمال عند هذا الإطلاق، سواء كان أمراً واجباً أو مستحباً أو مشروعاً.

2-الأثر:

تعريفه لغة: هو: بقية الشيء.

تعريفه اصطلاحاً: هو ما روي عن الصحابة والتابعين من أقوال وأفعال.

وقيل: الأثر مرادف للحديث .

3-الخبر:

تعريفه لغة: النبأ.

تعريفه اصطلاحاً: قيل: مرادف للحديث فيكون تعريفه مثل تعريف الحديث وهو: ما أضيف إلى الرسول صلى الله عليه وسلم  من قول أو فعل أو تقرير أو وصف خلقي أو خُلقي، فعلى هذا يكون الخبر مرادفاً للحديث، وقيل: هما متباينان فالحديث ما جاء عن النبي صلى الله عليه وسلم  والخبر ما جاء عن غيره، وقيل: بينهما عموم وخصوص مطلق فالحديث ما جاء عن النبي صلى الله عليه وسلم  والخبر ما جاء عنه أو عن غيره.

ومن الفقهاء من يقول: الخبر ما يروي عن النبي صلى الله عليه وسلم  والأثر ما يروي عن الصحابة وأما أهل الحديث فيطلقون الأثر عليهما.

فالمراد هنا أن الخبر والأثر يطلقان ويراد بهما ما أضيف إلى النبي صلى الله عليه وسلم  وما أضيف إلى الصحابة والتابعين وهذا رأي الجمهور، إلا أن فقهاء خراسان يسمون الموقوف أثراً والمرفوع خبراً.

تعريف الموضوعي:

الموضوع هو: محل العرض المختص به وقيل هو الأمر الموجود في الذهن المادة التي يبني عليها المتكلم كلامه.

ثانياً: تعريفه باعتباره مركباً يدل على علم معين.

لم يكن هذا الجانب من علم الحديث معروفاً بهذا الاسم إلا في هذا الزمن، ولذا لم يكن له تعريف سابق.

ويمكن أن يقال في تعريفه بأنه: جمع الأحاديث الواردة في موضوع واحد من موضوعات العلم وتخريجها ودراستها إسناداً وموضوعاً، أو هو علم يبحث في موضوع من موضوعات السنة النبوية جمعاً لمتونه ودراسة لها.

شرح التعريف:

جمع: فيها تنصيص على قصد الجمع للأحاديث في هذا الباب واستقصائها.

من موضوعات العلم: يشمل جميع أنواع العلم من عقائد، وعبادات، ومعاملات، وغيرها.

موضوعاً: إشارة إلى أن الدراسة لموضوع الحديث أو الأحاديث وليست مجردة تحليلية لمتن واحد.

ودراستها إسناداً وموضوعاً: إضافة قصد الدراسة على تعريف الحديث الموضوعي يميزه عن تعريف الأجزاء الحديثية، وهذه الدراسة تشمل دراسة السند ودراسة المتن.

ما يتضمنه التعريف، وعلى التعريف يتضمن ما يلي:

1- النظر إلى موضوع معين، مثلاً صلاة العيدين.

2- جمع الأحاديث حول هذا الموضوع في وحدة واحدة.

3- ترتيب هذه الأحاديث في وحدات موضوعية أدق، مثلاً صلاة العيدين حكمها وقتهما سننها...إلخ.

4- دراسة هذه الأحاديث من حيث التخريج والحكم.

5- دراسة ما يستنبط من هذه الأحاديث مما يتعلق بالموضوع مع ذكر ما يؤيده من شواهد من القرآن الكريم أو القواعد الشرعية أو أقوال أهل العلم ويتبع ذلك ذكر المسائل الخلافية ما يحتاج إلى تفصيل ونحو ذلك مثل: صلاة العيدين فحديث يوجبها وحديث يجعلها سنة، فتدرس هذه الأحاديث وينظر في الجمع بينها وهكذا، وسيأتي تفصيل ذلك إن شاء الله في الصورة المثلى للحديث الموضوعي.

الفرق بينه وبين الحديث التحليلي: يكمن الفرق بينهما في أمر جوهري، وهو أن الحديث التحليلي ينطلق من الحديث الواحد لتحليله من جميع جوانبه اللغوية والاستنباطية وغيرهما، غير مرتبط بموضوع معين، ولا بأحاديث أخرى.

أما الموضوعي: فهو ينظر إلى الموضوع الواحد ومجموع الأحاديث الدالة عليه دون تحليل كل حديث فيما يدل عليه من مسائل، ولا شك أنهما يشتركان في مسائل وخطوات، وفي المراجع اللغوية أو شروح أحاديث وفي التخريج والحكم، وتفترقان في أصل الطريقة والعناصر التي تحتوي عليها الدراسة.



بحث عن بحث