القواعد الشرعية المستنبطة من نصوص التيسير

استنبط العلماء قواعد كثيرة من النصوص الواردة في التخفيف والتيسير ومن هذه القواعد ومنها على سبيل المثال:

1- القاعدة الكلية: (المشقة تجلب التيسير).

 معنى القاعدة:

المشقة في اللغة: التعب، ومنه قوله تعالى: {وَتَحْمِلُ أَثْقَالَكُمْ إِلَى بَلَدٍ لَمْ تَكُونُوا بَالِغِيهِ إِلَّا بِشِقِّ الْأَنْفُسِ}  [النحل: ٧]، أي تعبها.

والتيسير في اللغة: السهولة والليونة، ومنه الحديث (إن الدين يسر)، أي سهل سمح قليل التشدد، واليسر ضد العسر.

والمعنى اللغوي الإجمالي للقاعدة: (إن الصعوبة والعناء تصبح سبباً للتسهيل).

والمعنى الشرعي للقاعدة: أن الأحكام التي ينشأ عن تطبيقها حرج على المكلف ومشقة في نفسه، أو ماله، فالشريعة تخففها بما يقع تحت قدرة المكلف دون عسر أو إحراج.

لهذه القاعدة أدلة كثيرة من الكتاب والسنة، وعمومات الشريعة النافية للحرج، ومشروعية الرخص كالصور التي تقدمت فيما سبق، جميعها تدل على هذه القاعدة.

متى تكون المشقة مُيَسّرة؟

تكون المشقة ميسرة عندما تتجاوز الحدود العادية، والطاقة البشرية السوية، أما المشقة العادية التي يستلزمها أداء الواجبات والقيام بالمساعي التي تقتضيها الحياة الصالحة فلا مانع منها بل التكليف بحد ذاته فيه مشقة كمشقة العمل واكتساب المعيشة، ومشقة البرد في الوضوء والغسل، ومشقة الصوم في الحر وطول النهار.

عوامل المشقة الميسرة وأسباب التخفيف:

ومع أن أصل الشريعة مبني على التيسير ودفع الحرج، فقد شرعت إلى جانب ذلك رخص التسهيل تابعة للعوارض التي تصيب الإنسان قدرية كانت أو مكتسبة فمن العوارض القدرية المسببة للتخفيف: الصغر، والجنون، والعته، والنسيان، والنوم، والمرض، والإعماء، وأما العوارض فمنها: الجهل بالشريعة في دار الحرب من مسلم لم يهاجر إلينا، فيعذر بالجهل بالأحكام، ومنها: السفه، والمراد به الإساءة بالتصرف في المال، فيحجر على السفيه في ماله نظراً لمصلحته.

قاعدتان منبثقتان من القاعدة الكلية:

الأولى: إذا ضاق الأمر اتسع.

الثانية: إذا اتسع الأمر ضاق.

معناهما: (إذا ظهرت مشقة في أمر فيرخص فيه ويوسع فإذا زالت المشقة عاد الأمر إلى ما كان).

مستند القاعدة من السنة النبوية:

ما أخرج أبو داود عم عمرة بنت عبد الرحمن قالت سمعت عائشة تقول: (دف أناس من أهل البادية حفرة الأضحى في زمن رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : (ادخروا الثلث وتصدقوا بما بقي) قالت فلما كان بعد ذلك قيل لرسول الله صلى الله عليه وسلم : يا رسول الله لقد كان الناس ينتفعون من ضحاياهم ويجعلون منها الودك ويتخذون منها الأسقية، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : (وما ذاك)؟ أو كما قال، فقالوا: يا رسول الله نهيت عن إمساك لحوم الضحايا بعد ثلاث، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : (إنما نهيتكم من أجل الدافة التي نعمت عليكم فكلوا أو تصدقوا أو ادخروا).

فنهى عن ادخار لحوم الأضاحي والانتفاع كما كانوا قبل ذلك.

2- قاعدة: (الضرورات تبيح المحظورات).

أصل هذه القاعدة: قوله تعالى: {وَقَدْ فَصَّلَ لَكُمْ مَا حَرَّمَ عَلَيْكُمْ إِلَّا مَا اضْطُرِرْتُمْ إِلَيْهِ} [الأنعام: 119].

والضرورات في اللغة: هي الحاجة الشديدة.

والمحظورات: الحرام المنهي عن فعله.

والمعنى في الاصطلاح: أن الممنوع عن فعله شرعاً يباح عند الضرورة.

وهي من قواعد التيسير فإذا وصل الأمر إلى الضرورة أبيح ما كان محرماً شرعاً لرفع الضرر وهذا مثل أكل الميتة للمضطر وشرب الخمر لإزالة الغصة إذا لم يوجد غيره.

3- قاعدة: (الضرورات تقدر بقدرها):

هذه القاعدة تعتبر قيداً لسابقتها أي أن كل فعل أو ترك جوز للضرورة فلا يتجاوز عنها، ومن الأمثلة على هذه القاعدة:

- أن المضطر لا يأكل من الميتة إلا قدر سد الرمق.

- الطبيب ينظر من العورة قدر الحاجة.

- وكذا الخاطب ينظر إلى مخطوبته ما يدعوه إلى القبول.



بحث عن بحث