الإمام ابن ماجه وكتابه السنن(3)
ثانياً : التعريف بكتابه السنن ومنهجه فيه(1) .
منزلته بين سائر الكتب الستة :
أول من أضافه إلى الخمسة مكملاً به الستة أبو الفضل محمد بن طاهر المقدسي ( ت 507هـ ) في كتابه " أطراف الكتب الستة" ، وكذا في "شروط الأئمة الستة" له ، ثم الحافظ عبد الغني بن عبد الواحد المقدسي في كتابه" الكمال في أسماء الرجال" .
قال ابن طاهر : ولعمري من نظر فيه علم منزلة الرجل : من حسن الترتيب ، وغزارة العلم ، وقلة الأحاديث ، وترك التكرار .
وقال أيضاً : وسنن ابن ماجه وإن لم يشتهر عند أكثر الفقهاء فإن له بالري وما والاها من " ديار الجبل" و " قوهستان" .. شأن عظيم عليه اعتمادهم وله عندهم طرق كثيرة . اهـ
وقال الحافظ ابن كثير : ابن ماجه القزويني صاحب السنن .. وهي دالة على عمله وعلمه وتبحره واطلاعه واتباعه للسنة في الأصول والفروع . اهـ
مجمل منهجه و طريقة ترتيبه :
1 ــ رتبه على الأبواب الفقهية .
2 ــ بدأه بمقدمة في الإيمان و العلم ذكر فيها ( 24 ) باباً ، و ( 266) حديثاً ، ثم أبواب العبادات ثم أبواب النكاح و الطلاق وسائر الأبواب الفقهية .
3 ــ جرده للحديث المرفوع ، ونادراً ما يذكر فيه الآثار على الصحابة أو التابعين .
4 ــ لا يكرر الأحاديث في كتابه ، ولا يعلقها إلا في القليل النادر .
5 ــ يقدم في الباب الأحاديث القوية ، ويجعل الضعيفة بدرجاتها في خاتمة الباب(2) .
من أمثلة ذلك :
الباب الأول من كتاب الطهارة ، باب ماجاء في مقدار الوضوء ،
ذكر فيه حديث ( كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يتوضأ بالمد ، ويغتسل بالصاع ) عن أربعة من الصحابة أولها وافقه الإمام مسلم في " تخريجه" ، والثاني و الثالث وافقه أصحاب السنن في تخريجه ، والرابع تفرد به ابن ماجه عن سائر الستة
الباب الثاني من كتاب الطهارة ، باب لا يقبل الله صلاة بغير طهور
ذكر فيه حديث ( لا يقبل الله صلاة بغير طهور ) عن أربعة من الصحابة الأول وافقه فيه أصحاب السنن الثلاثة ، و الثاني وافقه فيه مسلم ، و الثالث و الرابع تفرد بهما ابن ماجه(3).
الباب الثالث من كتاب الطهارة ، باب مفتاح الصلاة الطهور
ذكر فيه حديثين ، الأول حديث علي رضي الله عنه وافقه عليه أصحاب السنن الثاني حديث أبي سعيد الخدري وافقه عليه أصحاب السنن
قال الترمذي : حديث علي هو أصح شيء في الباب .
وقال في موضع آخر : وحديث علي أجود إسناداً وأصح من حديث أبي سعيد .
6 ــ يقتصر على الحديث الضعيف أو الواهي إذا لم يكن في الباب إلا هو .
7 ــ غالب الأحاديث الواهية و الساقطة في أبواب الترغيب و الترهيب و الفضائل ونحو ذلك .
8 ــ له تعليقات معدودة على بعض الأحاديث في النقد و التعليل
9 ــ راوي السنن أبو الحسن بن القطان له زيادات وتعليقات قليلة ضمن " سنن ابن ماجه" يصدرها بقوله ( قال أبو الحسن ) ، انظر ( رقم/22، 84 ، 241 ، 252 ، 256 ، 261) ، وقد جمعها د . مسفر الدميني في جزء لطيف .
قال الذهبي : وفي غضون كتابه أحاديث، يعلها صاحبه الحافظ أبو الحسن بن القطان .
(1) ينظر : " شروط الأئمة الستة لابن طاهر ( ص/21) ، و "سير أعلام النبلاء" ( 13/278) ، و " تذكرة الحفاظ" ( 2/636) كلاهما للذهبي ، و" البداية والنهاية" لابن كثير( 11/52)، و "البدر المنير" لابن الملقن (1/307) و " النكت على ابن الصلاح " لابن حجر ( 1/486،487) ، و " تهذيب التهذيب" لابن حجر ( 9/468 ) ، و " تدريب الراوي" للسيوطي(1/280) ،و " الحطة في ذكر الصحاح الستة " لصديق خان (ص/397)، وأعلام المحدثين للدكتور محمد أبو شهبة.ومناهج المحدثين للدكتور عبد العزيز الشايع .
(2) هذا أمر وجدتها من خلال التتبع ولم أقف على من نبه عليه أو ذكره ، وقد ذكرت الأمثلة على ذلك في بحثي ( منهج الإمام ابن ماجه في ترتيب الأحاديث في سننه )
(3) فات محقق سنن ابن ماجه أن ينبه على أن حديث أبي بكرة من الزوائد ، انظر " مصباح الزجاجة" ( رقم/111) .